تتواصل التحضيرات في حقل آحميم للغاز المشترك بين موريتانيا وجارتها الجنوبية السنغال بالسرعة القصوى مع اقتراب الموعد المنتظر لبدء الإنتاج خلال العام القادم من هذه المنشأة التي تعتبر الأعمق تحت الأرض في إفريقيا وإحدى أولى لبنات التحول الطاقي في البلاد.
وقالت عملاقة الطاقة البريطانية بريتيش بتروليوم أمس الثلاثاء، إنها تمكنت من إرساء منصة المرافق “العملاقة” في حقل غاز “آحميم” للغاز، بعد قطعها أكثر من 11 ألف ميل بحري قادمة من موقع بنائها في الصين.
وأضافت الشركة في بيان نشرته على الإنترنت إن إرساء هذه المنصة يقربها من هدف “إنتاج أولى شحنات الغاز بحلول نهاية 2023″، وذلك من خلال توفيرها مقرا لإقامة العمال، إلى جانب محطة لتوليد الكهرباء ومعالجة المياه التحكم ومحطة لإدارة رسو السفن.
أعمق حقل في أفريقيا
ومن جانبه قال نائب رئيس الشركة، غوردون بيرل، إن مشروع “ٱحميم” هو أعمق بنية تحتية تحت سطح البحر في القارة الأفريقة و”شاسع ومعقد ومبتكر”، وأن المرحلة الأولى منه مصممة لإطلاق نحو “203 مليون طن من الغاز سنويا”.
وأضاف خلال مشاركته أمس الثلاثاء في مؤتمر موريتانيد للطاقة بالعاصمة نواكشوط، إن هذا المشروع يمكن “تحويله إلى حوض من الطراز العالمي”، وذلك من خلال التعاون مع شركاء مثل “الشركة الموريتانية للمحروقات وكوسموس الأميركية”.
وأكد بيرل في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أنه توجد في موريتانيا “موارد غازية كبيرة مطلوبة في جميع أنحاء العالم”، وأن شركته تدرك مدى أهمية الغاز الطبيعي المسال للاقتصاد الموريتاني وجميع أنحاء العالم على المدى الطويل.
باب للتحول الاقتصادي
وفي تعليقه على هذه التطورات يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط عبد الله أواه إن أهمية الغاز الطبيعي تكمن في المساعدة في “التحول بعيدًا عن الفحم، نحو المصادر المتقدمة” مؤكدا أنه في حال دعمه بالتوجه نحو مصادر “صديقة للبيئة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح”، التي تتمع موريتانيا بها
وأشار ولد أواه في تصريحات لـ “أصوات مغاربية” إلى أن التقديرات الحالية تشير إلى أن الغاز “سيكون مفتاح موريتانيا نحو التحول من موقعها الحالي إلى نادي المصدرين” وهو ما يعني بحسب المتحدث “أنه سيؤثر على جميع المؤشرات في البلد ويقوى من المركز المالي للبلاد”.
وأضاف المتحدث نفسه أنه في سياق أزمة الطاقة العالمية الحالية يجب “استغلال الموارد المالية القادمة من الغاز” في تطوير الموارد الطاقية الأخرى خصوصا في ظل الحديث عن استراتيجية “مهمة” في هذا الإطار.
ولا تقتصر مقدرات موريتانيا الطاقية على هذا الحقل إذ تزخر شواطئ البلاد بحقول أخرى مثل حقل “بير الله”، الذي تم اكتشافه في عام 2019، مع إمكانات تقدر بـ 80 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أي أكبر بكثير من حقل السلحفاة الكبرى “آحميم” قيد التطوير.
تحول طاقي
ومنتصف سبتمبر الماضي أظهرت دراسة لشركة شاريوت البريطانية أن موريتانيا مؤهلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة رخيصة، بفضل مواردها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وكانت موريتانيا أعلنت في سبتمبر سعيها إلى تنفيذ مقاربة للتحول الطاقي عبر مراحل عدة، تتركز أولا على تطوير مشاريع الطاقة التقليدية المكتشفة (مثل حقل “آحميم” العائم، وحقل “بير الله” البرّي)، فيما ستكون المرحلة الثانية من سنة 2027 إلى 2030 بداية لمشاريع الهيدروجين الأخضر.
وفي هذا السياق أعلنت شركتا “شاريوت” البريطانية و”توتال” الفرنسية، مطلع سبتمبر الماضي، العمل معا من أجل إطلاق مشروع “نور” للهيدروجين الأخضر الذي ينتظر أن يكون بعد تنفيذه أحد أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في القارة الأفريقية.