المغرب الأزرق
“مزايدات وتشويش غير مقبول”…
هذا هو جهدك السي رباح…على كل حال لم يخب ظني قط فيكم، أنتم كما عرفتكم منذ أيام العفوية والغباء السياسي…وأظن أنه من واجبي اليوم أن أذكركم بحادث يذكركم معالي الوزير أنكم مجرد سياسيون، لا تحملون في قلوبكم ذرة رحمة ولا شفقة على المستضعفين وأنكم خدام أوفياء لأصحاب الأموال والنفوذ سواء في تيزنيت أو في أكادير أو في الرباط …وفي النهاية خدام أوفياء لحساباتكم السياسية والانتخابية،أما المستضعفين في سيدي إفني وغيرها، فلهم الله.
أذكركم معالي الوزير بحادث من الماضي من باب ” فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين”.
في إحدى أيام الله، حللتم ضيوفا عندنا في سيدي إفني لحل المشاكل زعما، وشاءت الأقدار أن أستقبلكم في بيت الوالد-حفظه الله- في الحي الشعبي بولعلام. اجتهدت أمي المسكينة – حفظها الله- طيلة ذلك اليوم تحاول إعداد ما استطاعت من أنواع الطعام لهذا “الوفد المهم” القادم من الرباط. أكل الوفد وأكلتم ما قدر الله لكم، ولكنكم معالي الوزير حرصتم على إبداء ملاحظة غاية في الأهمية، فقلتم: إن القادم من الرباط إلى سيدي إفني، ينتظر على الأرجح أن يأكل سمكا طريا، لا لحما ودجاجا، لذلك احرصوا في المرة القادمة أن تطعمونا من سمك إفني الشهي.
طبعا لم يكن السمك على المائدة في ذلك اليوم، لكن ما تجهلونه معالي الوزير، أن الفترة كانت فترة “موبيطا” كما يقول سكان سيدي إفني Mauvais temps كما غيرها لسان العامة. في مثل تلك الفترة معالي الوزير، يستعصي على الناس دخول البحر بسبب سوء الأحوال الجوية ويستعصي عليهم أساسا الخروج الآمن من باب ميناء سيدي إفني الصغير والذي تصرون على أن يبقى كذلك. وهذا بالذات هو سبب اعتراضنا القوي على إنشاء ميناء بسيدي بوالفضايل، لأن إنشاءه يعني ببساطة نهاية ميناء سيدي إفني ونهاية ملاذ المستضعفات والمستضعفين في المدينة التي لم يعد لدي أدنى شك أنكم “عصا المخزن” الجديدة التي تنهال عليها تأذيبا وعزلا وتهميشا.
لم يكن السمك على مائدة الطعام ذلك اليوم معالي الوزير، لأن الحكومات السابقة لم تف بالتزاماتها إزاء ميناء سيدي إفني، كما لم تف اليوم حكومتكم بالتزاماتها.
سيذكر التاريخ بمرارة، أنه عندما كنتم في المعارضة، ذات يوم، ذرفتم دموع التماسيح بسبب ما حل بالمدينة من أهوال يوم سبتها الأسود ودعوتم إلى الاستجابة الفورية لمطالب السكان المشروعة وكان على رأسها إتمامم أشغال ميناء وضع حجرة أساسه الراحل الحسن الثاني سنة 1982، ولم تنته هذه أشغاله إلى غاية اليوم -أي بعد أكثر من ثلاثين سنة.
ثلاثون سنة معالي الوزير…والميناء ينتظر…وجاء دوركم اليوم الذي لن يكون سوى إطلاق رصاصة الرحمة على الميناء الأسطورة، الميناء المريض مرضا مزمنا لم ينفع معه علاج.
قد تجدون، معالي الوزير، ألف ألف مبرر تدافعون به عن تنفيذ الأمر المطاع للوبيات تيزنيت التي لنا تاريخ معها والتي تحرك رجالات الدولة كيف تشاء وبالأحرى رجالات الأحزاب من أمثالكم، لكني أقسم بالله العظيم ليس من بين دفوعاتكم واحدا يصمد أمام وازع الأخلاق. فبينما دافع مستشاركم عن ميناء سيدي بوالفضايل “ببدعة” مغرية، طنانة فقال: “عدالة مجالية”، ها أنتم تبدعون أمورا أهم: “أالأهمية الاستراتيجية لجهة سوس”، “أمريكا”، “أفريقيا”…
لن أخوض في مناقشة هاته الدفوعات، فالمجال لا يتسع لهذا الأمر، كل ما أوقوله لكم، معالي الوزير، أنه في غياب رؤية استراتيجية شاملة واضحة المعالم، لن تفتح لكم لا أفريقيا ولا أمريكا ولا غيرها…وأنه بالنسبة لنا ميناء سيدي إفني لايشكل رهانا استرتيجيا، ولن نزايد بأن أفني أقرب للصحراء وأفريقيا من سوس بحكم التاريخ والجغرافية وأنها تنتمي اليوم لجهة هي بالأحرى باب الصحراء، وإنما رهانا حقوقيا يضمن الشروط الأساسية لضمان شروط العيش الكريم لمواطنات ومواطني المنطقة…
هذا كل ما في الأمر وللتاريخ واسع النظر.