أكّد الدبلوماسي المغربي السابق بإسبانيا، عبد الخالق أطراري، أنّ استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي، هو النقطة الخلافية الرئيسية بين البلدين، مشيراً أن الخطوة الإسبانية تبقى “غير ودّية تجاه المغرب” وكان منتظراً أن تترتب عنها عواقب وخلافات.
وأبرز القنصل العام المغربي السابق بإسبانيا، في حوار مع موقع القناة الثانية ضمن فقرة “ثلاثة أسئلة” أنّ رد الفعل المغربي، متوقّع ومنطقي جدّاً حيث أضرّ استقبال مجرم الحرب الإنفصالي بروح الشراكة والجوار بين البلدين وسبّب جرحاً غائراً في العلاقة بينهما، وأشار أطراري أن من الصعب أن يتم تجاوز الأزمة الحالية خلال المستقبل الغريب، حيث أن “خطأ إسبانيا لا يُغتفر”.
نص الحوار:
ما قراءتكم للتطورات الأخيرة في العلاقات بين الرباط ومدريد، ورد الفعل المغربي من خطوة استقبال ابراهيم غالي من طرف إسبانيا؟
الموقف المغربي باستدعاء سفيرة بإسبانيا منتظر ومنطقي جداً، بعد طلب توضيحات متتالية وتجاهل لهذا الطلب، وفي نفس الوقت القيام بسلوك غير مقبول، تمثل في استدعاء السفيرة من طرف وزارة الخارجية الإسبانية مع تحديد أجل 30 دقيقة للحضور، الأمر غير المعمول به في الأعراف الديبلوماسية مهما كان الموضوع مستعجلاً، لأن هذا التحديد يأتي كأمر، وهي إشارة غير ودّية وغير مقبولة. كان منتظرا أن يستدعي المغرب سفيرته للتشاور، خصوصاً وأن المعني بالأمر ما زال بالتراب الإسباني، ويبقى الموقف الذي تورطت فيه إسبانيا محرجاً، خصوصاً أنها لطالما كانت تزن علاقتها بحكمة في تعاملها مع ملفات المغرب، وهذا خطأ فادح وصعب جداً أن يغتفر، حسب رأيي الخاص.
عاد مشكل الهجرة إلى الواجهة، موازاة مع الخلافات الأخيرة، هل حان وقت التفكير في مقاربة جديدة في تدبير هذا الملف بين البلدين؟
الهجرة مموضوع دولي إنساني، من بين المواضيع الملحة في دهاليز الأمم المتحدة، كإشكالية إنسانية تخص عدد من دول العالم. وموضوع الهجرة بالمغرب، حاضر منذ مدة ودائماً ما كان من بين المواضيع المطروحة على جدول أعمال العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث هناك نوع من التعاون بين البلدين، والمغرب يؤكّد دائماً أنه لن يلعب دور دركي أوروبا، حيث أنه ليس مصدراً فقط للهجرة بل كذلك للعبور، حيث يأتي مهاجرون من مختلف البلدان للالتحاق بالفردوس المفقود. خلال المرة الأخيرة، كانت الأعداد كثيفة جدّاً، ما يكشف أن موضوع الهجرة اليوم يحتاج مقاربة جديدة ومغايرة، تشمل مجموعة من الجوانب الاجتماعية والإنسانية، لأنه 8000 آلاف مهاجر من الصعب أن يتحمّل الطرف المغرب لوحده مسؤوليتهم، بالتالي هناك حاجة لتقاسم المسؤولية. خصوصاً وأن المغرب قام بمجهودات كبيرة في هذا الإطار، من خلال تسوية وضعية عدد كبير من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
كيف ترون مستقبل العلاقات على ضوء المستجدات الأخيرة؟
في الحقيقة إسبانيا، تسبّبت في أزمة ليس البلدان في جاجة إليها، حيث مع الأسف كانت العلاقات تعرف تعاوناً وثيقاً على مختلف الأصعدة، على رأسها الهجرة ومحاربة الإرهاب والشراكة الاقتصادية، لكن أمام هذا التسرع في خطوة استقبال غالي، دون حتى إعلام المغرب أو أخذ رأيه واختيار الردوخ للطلبات الجزائرية، يبدو لي شخصياً أن الأزمة لن تتم حلحلتها ولن تصفّى الأجواء على المدى القريب، ربما ننتظر الشروع في ملف تجديد اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، الذي قد يكون مؤشرا على بداية مرحلة جديدة، بالرغم من أني أرى أن الأزمة تعمّقت وخلفت جرحاً غائراً من الصعب تجاوزه خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، لكن أتمنى أن تغلب روح الحكمة على هذا الإشكال، خصوصاً من الجانب الإسباني.