جعلت التطورات العالمية والتغيرات الجيوسياسية الأخيرة والمستمرة من القطب الشمالي منطقة رئيسية للعلوم والدبلوماسية،حيث يطرح السؤال حول امكانية الدبلوماسية العلمية وحوكمة المحيطات في القطب الشمالي ومن أجله أن تساهم في التحول الأخضر بطريقة مستدامة.
و هو جزء من نقاش جماعي عن حدث Arctic Frontiers Abroad ” سيتم تنظيمه في بروكسل في الفترة من 2 إلى 4 دجنبر، من طرف Arctic Frontiers و جامعة بيرغن، بخصوص ترخيص التشغيل: التنمية المستدامة للمحيطات والتحول الأخضر”، وهو حدث جانبي رسمي في ندوة Arctic Futures .
خلفية الحدث تأتي من حاجة الغرب إلى جعل نفسه مستقلاً لتلبية متطلبات ما يسمى بالتحول الأخضر، حيث يتطلع العديد من أصحاب المصلحة بشكل متزايد إلى القطب الشمالي للحصول على حلول. ليس أقلها استكشاف إمكانات المنطقة للموارد الطبيعية واستخدامها واستخراجها، و منها على سبيل المثال، التعدين في أعماق البحار، والصيد البحري، وطاقة الرياح البحرية.
وسط صعوبات مضطردة في المشهد الجيوسياسي المتغير بسرعة لإيجاد التوازن بين احتياجات الأمن والتنمية المستدامة. فمن ناحية، هناك نظام اجتماعي وسياسي من صنع الإنسان يتحرك في اتجاه المزيد من الصراع. ومن ناحية أخرى، هناك أزمتان مزدوجتان للمناخ والتنوع البيولوجي. والديناميكيات المتأصلة في هذه متناقضة بطبيعتها حيث يعتمد أي نظام حوكمة قابل للتطبيق على الأرض على الشراكات والتعاون.
يطرح الطلب على المعادن كمثال صارخ من خلال “استعانة” منتجي المواد الاستهلاكية في التحول الأخضر بوسط أفريقيا، حيث ينتهك التعدين غير القانوني إلى حد كبير حقوق الإنسان ويخلق أضرارًا بيئية هائلة، بالمقابل يخلق الدور المهيمن للصين في التحول الأخضر، من خلال الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، الخوف في الغرب عندما يتعلق الأمر بالموارد الحيوية وكذلك تأمين وسلاسل التوريد والسيطرة عليها.
و يتوجس أصدقاء البيئة من نقل استخراج هذه الموارد الحيوية إلى القطب الشمالي، ما سيشكل خطرا متأصلا من التأثير السلبي على المنطقة سواء من الناحية البيئية أو المجتمعية.
وضع أكثر قتامة يعيشه قطاع الشحن البحر في نظام عالمي متعدد الأقطاب، فقبل سنوات قليلة كان العالم يشير بالبنان إلى أن “روتردام” كأهم ميناء للحاويات على المستوى العالمي. اليوم، تتشبث روتردام بالمركز الأخير في قائمة أفضل 10 موانئ حاويات وفقًا لمجلس الشحن العالمي، متجاوزة تسعة موانئ آسيوية.
وهذا يشير إلى تحول في القوة بعيدًا عن الغرب نحو آسيا، وخاصة الصين، مما يجعل من غير المتصور أن يكون هناك انتقال أخضر ومستدام في القطاع البحري دون حوار ودبلوماسية بين الغرب والدول غير الغربية، و هو ما يمكن أن يعتمد في التنمية المستدامة المستقبلية لمنطقة القطب الشمالي.