تشهد سواحل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستويات مرتفعة للتلوّث البلاستيكي، ما يشكل تهديدا خطيرا “للاقتصاد الأزرق” في المنطقة.
ورغم جهود التوعية بضرورة تحسين طرق التصرف في النفايات البلاستيكية ومجابهة التلوّث البلاستيكي، فإن هذا الصنف من النفايات لا يزال يكلف بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 0،8 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام وذلك لما له من أثر على السياحة والصيد البحري والشحن، وأيضا، على حياة الأشخاص. وبحسب نشرية الأمم المتحدة حول المفاوضات، أيدت مجموعة من البلدان تفويضا عالميا يمكن أن يتضمن قائمة المنتجات الخاضعة للحظر، أو تدابير التخفيض التدريجي، والتخلّص التدريجي من البلاستيك، سيما، وأن الدول المنتجة للبترول وبالتالي لمشتقات البلاستيك لا تزال تعارض الحظر الشامل.
وقد أثار ممثلو الدول، في نقاشاتهم بشأن التجارة في المواد الكيميائية والبوليمرات والمنتجات المدرجة، أفضل السبل لتنفيذ القواعد العالمية المنسقة، التي تحظر تصدير واستيراد المواد الكيميائية والبوليمرات والجسيمات البلاستيكية الخاضعة للرقابة بموجب الصك المستقبلي. أما في ما يتعلق بالتمويل، فقد نظر المندوبون، ضمن هذه المفاوضات، في بند يدعو إلى فرض ضريبة عالمية على التلوّث البلاستيكي، وخاصّة، استهداف الملوّثين للمواد البلاستيكية الخام.
وعارض البعض هذه الفكرة بينما رأى البعض الاخر، أن فرض ضريبة قد يبدو فكرة مبتكرة لمعاهدة تهدف إلى الحد من التلوث البلاستيكي، إلا أنها ليست بسيطة كما تبدو. “فقد تؤدي مثل هذه الرسوم إلى زيادة تكلفة إنتاج المنتجات البلاستيكية المهمة، والتي من المرجح أن تنتقل إلى المستهلك، وقد تؤدي التأثيرات غير المباشرة إلى خلق تفاوت اجتماعي واقتصادي جديد بين أولئك، الذّين يستطيعون شراء هذه المنتجات وأولئك، الذين لا يستطيعون”.
ودعت مجموعة أخرى من البلدان، في مفاوضات “أوتاوا” إلى اتخاذ تدابير محددة على المستوى الوطني، مشددة على أنه بسبب عدم وجود فهم موحد لتعريف المنتجات البلاستيكية، التّي تصنف على أنها “مشكلة” و”التي يمكن تجنبها”، ليس من السهل التوصل إلى تفويض عالمي لتنظيمها.
وشددت مجموعة من البلدان على الحاجة إلى العمل، فيما بين، ضمن الدورات قبل الاجتماع الخامس للجنة التفاوض الحكومية الدولية لوضع معايير لوضع تعريفات للمنتجات البلاستيكية المثيرة للمشاكل والتي يمكن تجنبها.
ويبدو الاتفاق حول وضع المعايير لتجنب التلوّث البلاستيكي، صعب جدا، إذ شدّدت مجموعة من البلدان، خلال المفاوضات على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الوطنية وعدم التعارض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية.
وفيما يتعلق بإدارة النفايات، دعا الكثير من ممثلي الدول إلى الاستفادة من التسلسل الهرمي للنفايات وضرورة دعم الجهود الرامية إلى السيطرة على بعض الممارسات، مثل إلقاء النفايات، والحرق في الهواء الطلق.
ودعا البعض إلى التحكم في نقل النفايات البلاستيكية عبر الحدود، مشيرين إلى التحديات الناجمة عن استقبال نفايات ما بعد الاستهلاك من بلدان أخرى، داعين إلى تجنب الازدواجية في العمل بموجب اتفاقية “بازل”، بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلّص منها وهي معاهدة دولية تم تصميمها للحد من تحرّكات النفايات الخطرة بين الدول، وعلى وجه التحديد لمنع نقل النفايات الخطرة من البلدان المتقدمة إلى البلدان الأقل نموا.
وفيما يتعلّق بنقل النفايات البلاستيكية “غير الخطرة” عبر الحدود، حثت معظم الوفود على تجنب ازدواجية العمل باتفاقية “بازل”، كما سلط ممثلو العديد من البلدان الضوء على مشكلة إلقاء النفايات الخطرة في البلدان النامية، وحثوا على إدراج تدابير صارمة للشفافية لتجنب هذه المشكلة.
سامية الغربي الباحثة التونسيّة والناشطة في ﺷﺑﻛﺔ اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﯾّﺔ ﻟﻠﺣد ﻣن اﻟﻣﻠوّﺛﺎت اﻟﻌﺿوﯾّﺔ، لفتت الى معضلة أكبر من التلوث البلاستيكي و هو غياب الصوت العربي خلال المفاوضات التي جرت أطوارها بالعاصمة الكندية “أوتاوا” حول التلوّث البلاستيكي، على غرار المجموعة الإفريقية والمجموعة الاسوية ومجموعة الاتحاد الاروبي وغيرها ،ما يفوت على الدول العربية العديد من الفرص.
خصوصا و أن الاقتصاد الازرق بالمنطقة يعد محركا رئيسيا للنمو الاقتصادي، و من مصلحة هذه الدول العمل على تخفيض بصمتها البلاستيكية وبالتالي الكربونيةـ التي تعتبر الأعلى، حيث يصدر عن المواطن العادي في المنطقة، أكثر من 6 كيلوغرامات من النفايات البلاستيكية في المحيط كل عام، بحسب معطيات صادرة عن البنك الدولي والصندوق العالمي للطبيعة.