كشف دراسة نُشر في مجلة Advances in Atmospheric Sciences، أن درجات حرارة سطح البحر والمياه العميقة وصلت إلى مستويات قياسية مرتفعة في عام 2024 منذ بدأت الملاحظات الآلية البشرية في القرن التاسع عشر.
الدراسة التي همت درجة حرارة المحيطات العالمية هذه لسنوات عديدة أجراها فريق متعدد الجنسيات من العلماء من سبع دول، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا، بقيادة الباحث تشنغ ليجينج ، من معهد الفيزياء الجوية (IAP) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، حيث أكد هذا الأخير أن المحيطات التي تغطي 70 في المائة من سطح الكوكب تعد مكونًا حيويًا لمناخ الأرض كونها تمتص ما يقرب من 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناتجة عن الانحباس الحراري العالمي.
وقال تشنغ “إن المحيطات تملي أنماط الطقس من خلال نقل الحرارة والرطوبة إلى الغلاف الجوي، كما أنها تتحكم في وتيرة تغير المناخ”، مشيرًا إلى أنه لفهم ما حدث أو ما سيحدث للكوكب، تكمن الإجابات في المحيطات.
وكشفت الدراسة الجديدة أنه بين عامي 2023 و2024، فإن الزيادة في محتوى حرارة المحيط في أعلى 2000 متر من المحيط تعادل 140 ضعف إجمالي الكهرباء المولدة في جميع أنحاء العالم في عام 2023.
كما تسجل درجات حرارة سطح المحيط أرقامًا قياسية. تشير درجة حرارة السطح إلى درجة حرارة الطبقة العليا من المحيط، حيث يلتقي الماء بالغلاف الجوي. وأوضح تشنغ أن هذه درجات الحرارة حاسمة لأنها تحدد المعدل الذي تنتقل به الحرارة والرطوبة (الرطوبة) من المحيط إلى الغلاف الجوي، وبالتالي تؤثر على أنماط الطقس.
وفقًا لبيانات IAP، ارتفعت درجة حرارة سطح البحر المتوسطة العالمية في عام 2024 بمقدار 0.07 درجة مئوية مقارنة بعام 2023، مسجلة رقمًا قياسيًا جديدًا منذ بداية بيانات الرصد الحديثة.
وتعكس بيانات الرصد من معاهد البحوث الأمريكية والأوروبية المشاركة في الدراسة هذا الاتجاه التصاعدي الثابت أيضًا.
الدراسة رصدت أن التغيرات لم تكن موحدة، مع وجود اختلافات إقليمية كبيرة. حيث أن المحيط الأطلسي يسخن جنبًا إلى جنب مع البحر الأبيض المتوسط وعبر المحيط الجنوبي في خطوط العرض المتوسطة. و في حين ارتفعت درجات حرارة أجزاء من شمال المحيط الهادئ بسرعة، شهدت مناطق أخرى، وخاصة المنطقة الاستوائية احترارا أبطأ. ويرجع هذا في المقام الأول إلى تأثير ظاهرة النينا/النينيو الجوية في المنطقة.
يؤثر المحيط الأكثر دفئًا على الحياة البحرية ويسبب أضرارًا كبيرة بطرق مختلفة. ووفقًا للعلماء، فإن إحدى الطرق التي يستمر بها المحيط في التأثير على المناخ هي زيادة بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يؤدي بدوره إلى تكثيف الظواهر المتطرفة في الدورة الهيدرولوجية.
الدكتور كيفن ترينبيرث، أحد أعضاء فريق البحث وعالم في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في الولايات المتحدة قال: “بخار الماء هو أيضًا غاز دفيئة قوي، ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى الجفاف و حرائق الغابات. ويمكن أن يغذي العواصف ويزيد من مخاطر الفيضانات، بما في ذلك الأعاصير والعواصف المدارية”.
وفقًا لبيانات درجة حرارة المحيط، تم تأكيد عام 2024 باعتباره العام الأكثر دفئًا على الإطلاق على مستوى العالم منذ بدء الرصد في عام 1850.
وقالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ الممولة من الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة إن متوسط درجة الحرارة العالمية لعام 2024 بلغ 15.1 درجة مئوية، مما يمثل زيادة قدرها 0.12 درجة مئوية عن عام 2023، والذي كان في السابق العام الأكثر دفئًا على الإطلاق.
ويحذر العلماء من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لإبطاء تغير المناخ، فإن الاضطرابات والتغيرات غير المسبوقة والآثار المرتبطة بها والتكاليف والأضرار ستستمر في التصاعد.