مع تململ الضمير المهني بفداحة الجرائم المرتكبة في حق الثروة السمكية، في ظل عجز جماعي(إدارة و فاعلين اقتصاديين و خبراء) لمحاصرة ظاهرة الصيد الجائر و التخلص من المصطادات في البحر ، يبقى الوازع الأخلاقي و الحس بالمسؤولية الورش الكفيل بالحد من الظاهرة.
ظاهرة التخلص من الأسماك المصطادة في البحر، أو ما يسمى بالمرجعات الصيدية ، إحدى الاشكالات التي لا تزال تؤرق بال الصيادين من ذوي الضمائر الحية ، و تضع الإدارة بين المطرقة و السندان ، فلا الصيادون قادرون على انتقاء صيدهم بسبب استعمال شباك الجر و الشباك السينية ، و لا الإدارة بتشريعاتها تستطيع حماية الثروة السمكية و لا هي قادرة على ضمان استدامتها.
النصوص القانونية و حسب الثابت من الواقع الذي يتخبط فيه قطاع الصيد البحري تبقى صورية ، مع وقف التنفيذ فقط ، في ظل استشراء الفساد الإداري ما يضع القطاع الوصي أمام مسؤولية جسيمة أكبر من مسؤولية الجناة من ربابنة الصيد.
و لا أدل على ذلك ما عرفه موسم الصيد الجاري في جميع الأصناف حيث تمارس أبشع الجرائم في حق الثروة السمكية في الصيد بأعالي البحار و الصيد السطحي و الصيد في المحميات البحرية و الصيد بمعدات صيد غير القانونية حيث تكالبت العصابة المنظمة على مقدرات البلد دون اعتبار للمصلحة العليا لا للبيئة البحرية و لا للثروة السمكية و لا للإقتصاد الوطني….
إشكال التخلص من الأسماك المصطادة في البحر ، و رغم محاولة الإدارة المحمودة تحجيمه من خلال استصدار قانون مشروع القانون 95.21 و في اعتقادنا المتواضع مع كل التقدير و الاحترام للمُشرِّع ، يبقى غير ذي جدوى من حيث الإدعاء بحماية الثروة السمكية ، اذ المنصطق يقول كيف نحمي الثروة السمكية بعد اعدامها ، علما أن كميات مهمة من المرجعات ستكون نافقة ، تتسبب في ظهور احياء غازية في البحر، او تنتهي على الشواطئ في ابشع مظاهر التلوث ، اللهم إذا كان الامر في إطار الدراسة و تتبع حجم الهدر السمكي و قيمته المالية و اعداد دراسة جدوى لاستغلال و تثمين الهدر،و هو عذر اكبر من زلة .
حيث و في قراءة سطحية يبقى القانون معيبا من حيث أنه انتقائي و موجه بالأساس الى سفن الصيد بأعالي البحار المجمدة، او السفن باستعمال المياه المبردة ، لنتسائل ماذا عن الاسطول الصيد الساحلي و التقليدي ؟ عندما يشير الفصل 10-1الى وجود تسجيل كل عملية تتعلق بإعادة الأصناف إلى البحر تقوم بها سفينة صيد في البحر، من قبل قبطان السفينة أوقائدها، في يومية الصيد الخاصة به، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي.
النص القانوني يقصي بشكل مباشر حوالي حوالي 1000 وحدة صيد تستعمل شباكا غير انتقائية و الحديث عنا عن مراكب الصيد السطحي التي تحصد الأسماك السطحية بكل أنواعها و تضطر الى التخلص من كميات القرب في البحر، او التونيات و القروش و السلاحف و الدلافين…
و ما ذا عن حوالي 400 مركب للصيد بالجر التي الا تختلف عن سفن الصيد المجمدة الا بالحجم و القدرة على التخزين.
الاشكال من حيث المبدء هو عام و لا يجوز فيه التمييز بين وحدات الصيد،فلا يمكن لنص قانوني مهما كان ان ينيب عنه الضمير المهني و الوازع الأخلاقي في التنفيذ في المراقبة .
و هنا الإشارة الى يومية الصيد التي يتحكم فيها الربان بتشاور مع المجهز ، حيث نطرح السؤال البديهي “هل الربان امين في تضمين اليومية كل التفاصيل؟”
لن نكون أأمن من الربان على الثروة السمكية، لا الوزير و لا حتى المشرع و لا أجهزة المراقبة ، لكن نطرح سؤالا عن المفرغات التي ملأت عنابر سفن الصيد بأعالي البحار من حيث أحجام (الكالامار مثلا و الأخطبوط) هذا الموسم ، و ما تم تضمينه في التصريحات و ما هو معبأ في الأكياس و معد للتسويق؟ و كم هي الكميات المتخلص منها ذات الحجم القانوني، و كم من الكميات ذات الحجم غير القانوني ، و غير المستهدفة أو غير ذات القيمة السوقية للشركة….
ليس تبخيسا لجهود المشرع في الاجتهاد لسن قوانين تحد الممارسات الاجرامية في حق الثروة السمكية، لكن من أجل توجيه ذوي المصلحة من مسؤولين و منتجين الى ضرورة وضع ميثاق أخلاقي يضع الثروة السمكية فوق كل اعتبار و ليس شعارا للإستهلاك في المحافل و اللقاءات و تلميع الصورة.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل
عضو المرصد الاعلامي للصيد المستدام بأفريقيا OMPDA