اختتم لقاء اليوم الدراسي الذي نظم بمجلس المستشارين من طرف فريق العدالة و التنمية و مجموعة الاطر و الخبراء حول واقع الصيد البحري بالمغرب أشغاله وسط تباين في الرأي و توجس من المقاصد.
ففي الوقت الذي اعتبره العامة لقاء مكاشفة حول واقع الصيد البحري المختزل فقط في ارتفاع أسعار السردين و احتراق جيوب المستهلك بسبب المضاربة في السوق و شح المعروض ، يرى في اللقاء آخرون مجرد منصة لتقطير للشمع على رئيس الحكومة عزيز أخنوش وسط ترقب للتعديل الحكومي و ما قد يسفر عنه بخصوص مستقبل منصب الكاتب العام.
فالخبراء من جهتهم و بسبب وضعهم الاعتباري دون مركب ضغط ، اسهبوا في كشف الأرقام المفزعة و بعض المعطيات التي تضع الإدارة في حرج ، أما المهنيون الحاضرون و باستثناء الجامعة الوطنية لصناعات و تثمين المنتجات السمك فاختاروا التراشق الفئوي بالمسؤوليات كالعادة ، و هم كتمثيليات مهنية جزء لا يمكن تحييده من الأزمة لا من حيث استصدار التشريعات و القوانين المعيبة و لا من حيث شرعنة القرارات الجائرة ، و لا من حيث الممارسات غير الرشيدة في الصيد البحري و على الأرض في تسريب المنتجات البحرية خارج المسالك القانونية و إفساد السير العادي و بلقنة المشهد على الساحة….
و في اعتقادنا المتواضع أن الجامعة الوطنية لصناعات و تثمين المنتوجات البحرية نجحت بكل موضوعية في تشريح الوضع معتبرة غياب التواصل و التنسيق أهم عامل في ما يعيشه قطاع الصيد البحري من أزمة داخلية ينضاف اليها عامل الطبيعة كقوة قاهرة تستوجب المواجهة.
غياب كل الفصائل المكونة لقطاع الصيد البحري للترافع عن قضاياها وعلى غرار ما حدث في المنتدى الدولي للصناعات السمكية الذي انعقد في 13 ماي 2024 بالدار البيضاء، مؤشر سلبي عن واقع قطاع الصيد البحري و مستوى الوعي بأهمية اللقاءات و المنتديات في تشكيل الرأي العام حول قضايا ذات أهمية بالغة و استراتيجية بكل تجرد، حيث غاب صوت الصيد التقليدي و صوت القوة العاملة و اختزل النقاش حول السردين…..
أما الخبراء فلا يمكن اعفاؤهم مما يعيشه القطاع من حالة إفلاس بالنظر الى مسؤوليتهم الاخلاقية على اعتبارهم “الضمير العلمي” الموازي لمؤسسة المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري الذين اختاروا التواري عن المشهد الاعتكاف في المختبرات لإعداد البحوث و الدراسات ، فضلا عن كون بعضهم يترأسون هيئة ينضوي تحت لوائها العديد الأطر العاملة في قطاع الصيد البحري من شريحة مهندسي الدولة و كذا الطلبة المهندسين(مشاريع مهندسي الدولة في قطاع الصيد البحري).
الجهة المنظمة وفي الحد الأدنى و إذا كانت قد نجحت في تنظيم يوم دراسي ، غير أن هذا الخروج يبقى محط انتقاد في الزمن ، إذ يأتي في توقيت مشبوه سياسيا و حزب العدالة و التنمية متخندق في المعارضة، وهو الذي يتحمل الوزر السياسي لما يعيشه القطاع حاليا كون الحزب ترأس الحكومة خلال ولايتين و نيف ، و فشل فصيله النقابي في حل أزمة البحارة المتخلى عنهم بأكادير ،و فشل في حلحلة أزمة مجموعة اومنيوم المغربي الصيد و غض الطرف عن مشاريعها الاستثمارية في الصحراء المغربية ، و ساهم في تفاقم في أزمة الريف قبل انفجارها حيث الغرفة المتوسطية كانت تحت لواء الحزب…الخ، إضافة الى تواريه بعد اصطفافه الى جانب المعارضة عن مناقشة الملفات العميقة من قبيل تحيين مدونة الصيد و الحماية الاجتماعية و التكيف المناخي و التعويضات عن الكوارث الطبيعية و التعويض عن التوقف القسري عن نشاط الصيد إما لتمديد الراحة البيولوجية و لسوء الأحوال الجوية او للتنقيب و المناورات العسكرية او تفريع الاسطول الأجنبي للمنتجات البحرية بالموانئ المغربية …الخ.
و بصفة عامة تبقى اللقاءات و المنتديات و المؤتمرات فرصة للنقاش و تبادل وجهات النظر و نقل الخبرات، لا يزال الفاعلون في قطاع الصيد البحري لم يصلوا الى مستوى الوعي بأهميته بسبب عقلية(الرايس/السفينة).
وإذا كان الخبراء قد تحلوا بالجرأة في التشخيص و الخروج إعلاميا ، يبقى من الضروري العمل على تطوير الممارسة ميدانيا و استعمال الصلاحيات كقوة اقتراحية داخل الأجهزة و المؤسسات كوسيط ي اعتبار شخصي و معنوي.
إلا أنه و في ظل سيادة عقلية السفينة، ففي اعتقادنا المتواضع و بعد التعديل الحكومي المرتقب سيكون اللقاء الدراسي و مخرجاته من الماضي، و الى ذلكم الحين، نتمنى للثروة السمكية الاستدامة.
كتبها للمغرب الأزرق
الأستاذ حاميد حليم مستشار في الإعلام البحري و التواصل.
عضو المرصد الإعلامي للصيد المستدام بأفريقيا.