تصدَّر خيار تحميل صناعة النفط والغاز تكاليف التأثيرات المناخية كأفضل سياسة مفضلة، وذلك بناءً على استطلاع أجرته وكالة أوبينيوم للبحوث الاستراتيجية، وشمل ثماني دول في خمس قارات، منها المغرب. وقد كُلِّفت منظمة غرينبيس الدولية بإجراء هذه الدراسة، في وقت تكثف فيه المنظمة أنشطتها العالمية لمواجهة محاولات شركات النفط العالمية لإسكات المعارضة في المحاكم من لندن إلى باريس وروما وداكوتا الشمالية.
وفي هذا السياق، قال عبد الله ديالو، مسؤول حملة “الملوّث يدفع” في منظمة غرينبيس الدولية: تُظهر هذه الدراسة أن فرض الضرائب على الشركات التي تعد من بين أكبر الملوثين – مثل إكسون، شيفرون، شل، توتال، إكوينور، وإيني – أصبح حلاً سائداً بين الناس عبر الحدود والمستويات الاقتصادية المختلفة. وفي الوقت الذي تناقش فيه الحكومات كيفية تمويل العمل المناخي، يجب أن تدرك أن تحميل الملوثين تكاليف معالجة الأزمة ليس فقط مسألة عدالة، بل هو أيضاً مطلب شعبي ووسيلة أكثر فعالية.من تحميل المواطنين عبء أزمة لا يتحملون أي مسؤولية بتسببها”.
حنان كسكاس، مسؤولة حملات في منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قالت: “تؤكد هذه الدراسة أن الشعب المغربي، كغيره من الشعوب المتأثرة بتغير المناخ، يعبر بصوت عالٍ عن تأييده لتحميل شركات النفط العالمية الكبرى مسؤولية الأضرار المناخية. لم تساهم بلدان منطقتنا في مشكلة تغير المناخ، ومع ذلك فإننا نواجه العبء الأكبر من تأثيراتها، من فيضانات مدمرة إلى موجات حر وجفاف شديد. لا ينبغي أن تتحمل شعوبنا وحدها العبء المالي، خاصةً في ظل خسائرنا في الأرواح والممتلكات. إن هذه الشركات العالمية، التي تجني مليارات الدولارات من استغلال موارد الأرض، تواصل عرقلة التقدم نحو العدالة المناخية، في حين أن الأضعف في المجتمع هم من يدفعون الثمن. لقد حان الوقت للملوّث أن يدفع“.
وأضافت: “لقد دفعتنا شركات النفط الكبرى العالمية نحو هذا المصير، ولا يحق لها اليوم التهرب من المسؤولية. على الشركات الملوثة، وليس الشعوب، دفع فاتورة أضرار المناخ – هذا هو النداء الشعبي العادل. بينما يناقش المفاوضون في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين هدف التمويل المناخي الجديد،علينا أن نحمل الملوّثين الثمن والمسؤولية، فهذا واجب أخلاقي و مسار تصحيحي لأجيال حرمت من حقوقها البيئية والإنسانية. المغرب يستحق العدالة المناخية، وعلى هذه الشركات دفع تكاليف أضرار المناخ وذلك لتوفير التمويل اللازم لزيادة تمويل المناخ لمنطقتنا“.
النقاط الأساسية في التقرير
إجماع على دور شركات النفط الكبرى في تغيّر المناخ
عند سؤال المشاركين عمن يجب أن يتحمل أكبر قدر من المسؤولية عن آثار تغير المناخ، كان الخيار الأكثر شعبية في جميع البلدان الثمانية التي شملها الاستطلاع هو تحميل شركات النفط والغاز التكاليف، بينما جاءت الدول ذات الانبعاثات العالية والنخب العالمية في المركزين الثاني والثالث. وقد أشار 60٪ من جميع الدول التي شملها الاستطلاع إلى وجود صلة بين أرباح صناعة النفط والغاز وارتفاع أسعار الطاقة.
الاستياء من شركات النفط الكبرى
كشفت الدراسة أن غالبية المشاركين في الدول المستطلعة يشعرون بالغضب من:
– حصول رؤساء شركات النفط والغاز على مكافآت ضخمة، على الرغم من أن قراراتهم تؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ (73٪).
– المخاطر والتأثيرات السلبية على الصحة والرفاهية، بالإضافة إلى التلوث والأضرار البيئية الناتجة عن استخراج النفط أو الغاز (71٪)، واستمرار التوسع في حقول النفط والغاز رغم الأدلة الواضحة التي تشير إلى أن ذلك يزيد من خطورة تغير المناخ (66٪).
– نشر معلومات مضللة حول تغير المناخ بهدف تأجيل العمل المناخي، والتأثير المستمر على السياسيين وصانعي القرارات (67٪).
– الدور التاريخي والمستمر لشركات النفط والغاز في النزاعات، والحروب، وانتهاكات حقوق الإنسان (66٪).
القلق العالمي بشأن أزمة المناخ: تفاوت بين الشمال والجنوب العالميين
أظهرت الدراسة أن 80٪ من المشاركين يشعرون بالقلق بشأن تغير المناخ. وأعربت الغالبية العظمى عن مخاوفها من تأثير هذه التغيرات عليهم شخصيًا، في حين أبدى عدد أكبر من المشاركين قلقهم من الأضرار التي قد تلحق بالأجيال القادمة.
في الوقت ذاته، أظهر الاستطلاع فجوات كبيرة بين دول الشمال العالمي ودول الجنوب فيما يتعلق بتأثرهم بأزمة المناخ؛ ففرص الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في دول الشمال العالمي لعدم تعرضهم لتجربة شخصية مع أحداث الطقس المتطرفة مضاعفة مقارنةً بأولئك الذين في دول الجنوب العالمي. (43٪ مقابل 19٪ على التوالي).
وتتماشى هذه النتيجة مع البيانات التي توضح الضعف الشديد لبعض الدول في مواجهة تغير المناخ، رغم كونها الأقل تسببًا فيه.
اقترحت منظمة ستامب آوت بوفرتي فرض ضريبة مناخية عادلة على استخراج الوقود الأحفوري في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو اقتراح مدعوم من 100 منظمة غير حكومية، من بينها غرينبيس الدولية، كإحدى الخطوات لمحاسبة الملوثين الكبار. ويمكن لهذه الضريبة أن تولّد 900 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، استنادًا إلى معدل أولي قدره 5 دولارات، يرتفع بمقدار 5 دولارات سنويًا. وستكون هذه الضريبة أساسية لتغطية تكاليف الخسائر والأضرار المناخية السنوية، التي يُتوقع أن تتراوح بين 290 و580 مليار دولار بحلول 2030 في الدول ذات الدخل المنخفض، كما يمكن أن تساهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة قدرة البلدان على التكيف مع آثار أزمة المناخ.
وقد أكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) سابقاً أن استمرار حرق الوقود الأحفوري لأكثر من قرن كان السبب الرئيسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. [4]
وتُظهر نتائج الاستطلاع دعم الجمهور حول العالم لمبدأ “جعل الملوثين يدفعون”، بما يتوافق مع دراسات رأي عام أخرى نُشرت هذا العام، مثل استطلاع “الأرض للجميع” 2024.
أجرت غرينبيس الدولية هذه الدراسة كجزء من حملتها العالمية “الملوّث يدفع”، التي تهدف إلى العمل مع ملايين الأشخاص حول العالم لوقف توسع شركات النفط والغاز، ومقاومة محاولاتها لإسكات الأصوات المطالبة بتحميلها المسؤولية، وإجبارها على دفع ثمن الأضرار المناخية التي يشعر بها الناس في جميع أنحاء العالم.