يتميز المغرب بتنوع كبير في موارده البحرية الحية، و بجغرافية ساحل يمتد لاكثر من 3400كلم مع منطقة اقتصادية خالصة تفوق مساحتها مليون كلم2 ،مع مخزون سمكي متنوع يقدر ب 500صنف سمكي يستغل منه فقط 65 صنف،و تعتبر الاسماك السطحية أهمها، حيث سجل قطاع الصيد البحري سنة2018 انتاج 1400000 طن من المصطادات بقيمة بلغت 11.6 مليار درهم سنة، و بمعدل نمو سنوي وصل إلى 10 % ما بين 2011 و 2018 ، عكَس مساهمة القطاع ب 2.3 % في الناتج الداخلي الخام كمعدل سنوي خلال العشر سنوات الأخيرة.
أهمية القطاع تعكسها مؤشرات الاداء في الميزان التجاري حيث بلغت قيمة صادرات منتجات الصيد البحري سنة 2018، ما مجموعه 22.5 مليار درهم ما يمثل 8.2% من إجمالي صادرات المغرب و38.6% من قيمة صادرات المنتجات الغذائية الفلاحية الوطنية.
فضلا عن أهميته داخل النسيج الاقتصادي الوطني، يكتسي قطاع الصيد البحري أهمية بالغة من حيث توفير فرص التي تقارب 000 700 منصب شغل بشكل مباشر أو غير مباشر و اعالة 3 ملايين نسمة .
في خضم الظروف العالمية المتسمة بتوالي الأزمات وفي ظل التحديات الكبرى التي يواجهها قطاع الصيد البحري بالمغرب و عدم الاستقرار ، أصبح من الصعب السير بنفس الإيقاع وتحقيق مردودية أكثر دون مواجهة الإكراهات التي تعترض طريق نمو هذا القطاع لضمان نجاعته وفعاليته وتقوية قدراته التنافسية.
الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي، تسلط الضوء على الاكراهات التي يعيشها قطاع الصيد البحري في مذكرة تعرض من خلالها كذلك رؤيتها للخروج من الأزمة التي يتخبط فيها القطاع، مستندة الى خبرتها الميدانية و الى الشرعية التاريخية و المهنية كأكبر تنظيم مهني في الصيد الساحلي بالمغرب جاور أكثر من 6 وزراء في الصيد البحري.
تصف الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب حالة المواني بالقديمة والمتهالكة والمتردية ،كذلك الشأن بالنسبة للمرافق التابعة لها مع تسجيل ارتفاع في أسعار الخدمات المقدمة لمهني الصيد البحري خصوصا المتعلقة بالتزود بالماء والكهرباء حيث تطبق داخل موانئ الصيد تعرفة الاستهلاك المنزلي لاستهلاك الماء والكهرباء مما يرفع مصاريف الاستهلاك إلى مستويات قياسية لا تستطيع معه جل الوحدات العاملة في الموانئ (محلات التخزين ومصانع الثلج …) الاستمرار في العمل والإنتاج بل أدى ببعضها إلى الإفلاس وإغلاق أبوابها ترتب عنه مشاكل اجتماعية واقتصادية ، و هي تكلفة تثقل فاتورة الإنتاج الى جانب الثلج و التخزين ،تؤثر بشكل مباشر على أثمان السمك في الأسواق المغربية. وحتى تتمكن هذه الموانئ من المحافظة على حركتها الاقتصادية والتجارية- تقول أكبر هيئة مهنية في الصيد الساحلي بالمغرب- فقد أصبح لزاما اعتبار موانئ الصيد مناطق صناعية وتطبيق تعرفة المناطق الصناعية فيما يخص الماء والكهرباء.
و من بين مظاهر القتل البطيئ للاستثمارات في قطاع الصيد البحري ،تقف الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي عند القانون رقم 15-02 المتعلق بالموانئ والوكالة الوطنية للموانئ، والتعقيدات المصاحبة للاستثمار بها من طرف مهني القطاع ،منها الاستثمارات المتعلقة بأوراش بناء وإصلاح السفن ، حيث أن أغلب الموانئ المغربية لا تتوفر على أوراش لبناء وإصلاح السفن مما يجبر مراكب الصيد إلى التوجه نحو موانئ غير موانئ ربطها من أجل إصلاح أعطاب قد تكون بسيطة، وتسبب هذه التنقلات في خسائر فادحة لمراكب الصيد حيث يتم تجميد عمل وحدة للإنتاج لعدة أيام من المفروض فيها العمل من أجل إنتاج الثروة والقيمة المضافة وإعالة العديد من العائلات ، كما يلجأ الفائزون بصفقات تفويت الملك العمومي إلى بيع أو كراء البقع الأرضية ومحلات التخزين في خرق صارخ للقانون، وترتب عن هذه العمليات الغير قانونية زيادة كبيرة في أسعار محلات التخزين وأسعار المحروقات بفعل الاحتكار الذي يدفع ثمنه المجهز صاحب الأولوية والأسبقية في استغلال هذا الملك العمومي، ولتجاوز هذا الوضع فقد أصبح ضروريا إعطاء الأولوية في تفويت الملك العمومي داخل موانئ الصيد للمستثمرين الفعليين من مجهزي المراكب والتجار الحقيقيين للسمك (مركب صيد يساوي محل للتخزين).
و تكريسا للتعقيدات القانونية، تم ترسيم قانون الشرطة المينائية والذي يوحي بحالة الطوارئ الدائمة بالموانئ نظرا لبنوده ومقتضياته التي لا تتلائم مع نشاط وخصوصيات قطاع الصيد البحري،حيث تخلص الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب في مذكرتها حول وضعية الموانئ و البنية التحتية بالقول أن ما تعيشه الموانئ المغربية من تردي في الخدمات أساسه تغييب مهني الصيد البحري عن اية استشارة، ” و رغم أن استثمارات جد ضخمة ضخت لإنشاء الموانئ الجديدة فان بعضها تشوبها عيوب كثيرة نتيجة تغييب المهنيين عن اية استشارة.”