شكل الحضور الوازن للشخصيات المشاركة في فعاليات الأسبوع الافريقي للمحيطات الذي احتضنته مدينة طنجة من 7 الى 10 أكتوبر قيمة مضافة للحدث . و على رأسها المبعوث الاممي المكلف بالمحيطات ، و السفير الدائم للمغرب بالأمم المتحدة ، و ممثلة مفوضية الاتحاد الافريقي، و السفير الفرنسي المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي في شؤون المحيطات بالأمم المتحدة، و ممثل اليونيسكو بأفريقيا، فضلا عن وزراء الصيد البحري من 32 دولة افريقية ، دون الحديث عن المشاركات عن بعد لممثل المفوضية الاوربية، و لمنظمة الأغذية و الزراعة، و للمنظمة الدولية للملاحة…، ثم الحضور الفعلي لأمير موناكو – أحد رواد مبادرة عقد المحيطات2021-2030 التي يعد المغرب طرفا فيها من خلال مؤسسة محمد السادس للبيئة-. ثم حضور دول عربية من الخليج العربي وهما سلطنة عمان والعربية السعودية.
و ربما تَصادَف الحدث مع إصدار محكمة العدل الاوربية لقررها بشأن اتفاقية الفلاحة و الصيد البحري بين الاتحاد الأوربي و المملكة المغربية، الذي شوش من حيث الظرفية على الجو العام بين المغرب و الاتحاد الأوربي. الا أنه و من خلال ما أبان عنه المغرب من لامبالاة بخصوص قرار المحكمة على اعتبار أنه حكم غيابي يفتقد الى الموضوعية و يفتقد شروط المحاكمة العادلة في اتحاد يلقن العالم الدروس الديمقراطية و حقوق الإنسان.
فمن جهة أخرى أبان عن قدرته العالية في التنظيم و التوفق في استقطاب قائمة بأبرز المنظمات الدولية الفاعلة و المؤثرة في صناعة القرارات الدولية، و كذلك في قدرته على إدارة اللقاءات و الجلسات المكوكية و استصدار التوصيات، و تذويب الخلافات و توحيد الرأي حول مستقبل أفريقيا زرقاء.
و سيكون أبرز حدث بقيمة مضافة لم يتم تسليط الضوء عليه بالشكل الكافي ، هو حضور دول الساحل في جميع الفعاليات كمالي و نيجريا و بوركينافاسو، و هو ما يجسد التزام المغرب نحو هذه الدول التي لا تتمتع بمنفذ على البحر، و يعكس من جهة أخرى التفاعل الإيجابي لهذه الدول مع المبادرة الأطلسية. بل وتأييدها بالحضور الفعلي للمشاركة في فعاليات الأسبوع الافريقي للمحيطات.
و نحن نعيش الطفرة التي يعيشها المغرب على جميع المستويات و في ظرفيات جد حرجة(الجفاف،التطرف المناخي..) و سياقات متسارعة(الحروب و النزاعات الدولية،الإنقلابات،الانتخابات…) ،لا يمكن الا أن نحيي الديبلوماسية المغربية البحرية، التي نجحت في فرض نفسها كقوة لا يمكن الاستهانة بها، حيث مكنت المغرب من بسط للسيادة على البحر ، وتحقيق السيادة الغذائية البحرية ، و تحقيق السيادة العلمية البحرية، ليكون حكم محكمة العدل الاوربية بمثابة صوت نشاز خارج عن إيقاع دول الاتحاد الأوربي و مصلحة شعوبها.
ما راج خلال أربعة أيام من المشاورات التي ترأسها صناع القرار معضضين بالرأي العلمي للخبراء الدوليين في البيئة و الصيد البحري و المناخ و علوم المحيطات ….، يكشف عن قوة أفريقيا بإمكانياتها الطبيعية و مواردها البشرية و قوتها ككثلة اقتصادية نامية.
و قد يبدو هذا الحدث البحري بامتياز و المهم على المستوى الإقليمي و القاري لدى قصار النظر أنه من باب الترف الفكري ، لكن و بشهادة الخبراء الدوليين و المشاركين حضوريا و كذلك من الذين شاركوا عن بعد، على قوة المغرب في توحيد صوت أفريقيا و في مواجهة الاستغلال المغطى بالفوضى و اللاأمن المفتعل لاستدامته كالصيد غير القانوني و القرصنة البحري و الاتجار في البشر.
يبقى على صناع القرار بالمغرب في الصف الثاني العمل على تقليص الفجوة الثقافية مع البحر ، من أجل انتقال سليم و سلسل نحو الاقتصاد الأزرق لاستفادة من مزاياه ، و فرملة انحرافاته التي قد تتولد مع تفشي الجهل بعلوم البحار و لامبالاة الليبرالية الجشعة، و لن يكون ذلك ممكنا الا عبر تعميم التربية الزرقاء للأجيال الصاعدة.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل.
عضو المرصد الاعلامي للصيد المستدام بأفريقيا.