شكل محور المباحث حول التدبير المشترك للمخزونات السمكية بين المغرب و موريتانيا خلال لقاء الامس(30 دجنبر2024) بين السيد زكية الدريوش كتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري و السيد أحمد ولد باهيه سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالمغرب، مؤشرا جد مهم في تاريخ علاقات التعاون في الصيد البحري بين البلدين.
و تعد موريتانيا امتدادا جغرافيا للمصايد الواقعة بالنفوذ البحري المغربي خصوصا منها الأسماك السطحية الكبيرة و المتوسطة و الصغيرة.
و إضافة الى الأسماك السطحية تعد الرخويات و على رأسها الاخطبوط منتوجا ذا أهمية كبرى في الاقتصاد البحري الموريتاني بالنظر الى قوته السوقية المنافسة للمغرب حيث يمثل الأخطبوط نحو 57 % من إجمالي حجم صادرات موريتانيا من الأسماك تليه الأسماك السطحية بنسبة 14% ومسحوق السمك بنسبة 9% .
و مع قرار محكمة العدل الأوربية وقف اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوربي و المغرب، فقد حولت دول الاتحاد وجهتها نحو موريتانيا لتأمين حاجياتها السمكية ، حيث سجلت الواردات الاسبانية من الاخطبوط المغربي تراجعا كبيرا بكمية لم تتجاوز 3000 طن خلال شهري يناير وفبراير من السنة المنتهية ، بنسبة تقدر بحوالي بنسبة 30٪ تقريبًا ، و هدر يقدر بحوالي 7289 طن عن نفس الفترة من السنة السابقة.
ومن حيث القيمة، فقد عرفت الواردات انخفاضا بقيمة تجاوزت 58 مليون يورو بنسبة تقدر 42.5% عن الواردات البالغة 78.7 مليون يورو، بسبب التضخم العالمي.
و ضع استفادت موريتانيا التي سجلت صادراتها السمكية رقما قياسيا خلال الربع الأول من 2024، حيث بلغت قيمتها 223.8 مليون دولار، حيث سجلت صادرات موريتانيا من الأخطبوط زيادة بنسبة 18% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفق صحيفة اتلانتيكوAtlantico الأسبانية ، زاد من تتوقع الجمعية الموريتانية لتسويق الأسماك أن يصل إجمالي إيرادات صادرات الصيد البحري إلى 800 مليون دولار مع نهاية السنة.
و في ظل ما تعيشه المنطقة من جهد على المصايد نتيجة الصيد الجائر و تعدد الأطراف المتدخلة في عمليات الصيد من اساطيل محلية و أجنبية، فضلا عن عامل التغير المناخي، و التلوث البلاستيكي(الصيد الشبحي ) أو التلوث الناتج عن الملاحة الدولية ، تشهد المخزونات السمكية تراجعا كبيرا و تدبدبا في المؤشرات و عدم تغير في مواعيد دورة الحياة، اثر بشكل كبير على الإنتاج و على أنشطة الصيد و الوضعية الاقتصادية لملايين من الصيادين بالمنطقة ، حيث يعد اقتصاد البحر ركيزة أساسية لحياة مجتمعات الساحل.
وضع يفرض على القيمين و صناع القرار المغربي الموريتاني في الصيد البحري التحرك نحو تفعيل آلية التدبير المشترك للمصايد و للمخزونات العابرة من السمك السطحي لتجنيب المنطقة انهيار النظم الايكولوجية الناتج عن الجهد و الاستنزاف لتوفير حاجيات السوق الأجنبي، و الاستفادة من التجارب و الخبرات و الكفاءات.
آلية ستمتد منافعها الى الحد من الهدر السمكي و ضبط الإنتاج و السيطرة على السوق لفائدة المنتجين من كلا البلدين، حيث يمكن تطويره في إطار هيئة مشتركة أو من خلال مؤتمر التعاون الوزاري في الصيد البحري بين الدول الافريقية المطلة على المحيط الأطلسي.
و يبقى الرهان على تثمين الرأسمال البشري في قطاع الصيد البحري أهم ورش لتعديل دفة سفينة التعاون بين البلدين في الصيد البحرين من أجل مواجهة أمواج الأزمات الاقتصادية و تقلبات مناخ السوق الدولي ، و هو العرض الذي يوفره المغرب من خلال قاعدته الصلبة في التكوين البحري و خبرته و كفاءة أطره، أضافة الى تجربة المغرب الرائدة في تدبير المصايد و منها الرخويات و الأسماك السطحية بجميع اصنافها، و آلياته في البحث العلمي و التشريعات القانونية ذات الصلة بالإقتصاد البحري مدى موامئتها مع اللوائح الدولية.
كتبها للمغرب الأزرق الأستاذ حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحر و التواصل
عضو المرصد الإعلامي للصيد المستدم بأفريقيا.