مع انطلاق موسم صيد الأخطبوط، و بعد راحة بيولوجية دامت لأشهر، ستشهد المصايد وفادة مئات وحدات الصيد المجهزة بآلاف الأطنان من معدات الصيد البلاستيكية منها الشباك و القوارير و كذلك الأكياس البلاستيكية.
زاوية نظر لا يتم تسليط الضوء عليها بالمرة فيما المغرب يعد طرفا في جميع الاتفاقيات ذات الصلة بالمحافظة على البيئة البحرية ، كان آخرها المعاهدة الدولية للمحيطات.
فالمصايد الجنوبية حيث حوالي 80 % من المخزن السمكي و خصوصا الأخطبوط تتعرض لجهد كبير على البيئة البحرية من أجل حصد كمية محدودة من المصطادات، حيث يتم حرث القاع بذروع شباك الجر فيما تتكفل الشباك بحصد المصيد، على أن تتكفل الشباك الشبحية و المعدات المفقودة بالباقي.
خلال المؤتمر الدولي الذي انعقد بمدينة الدار البيضاء حول آفة البلاستيك بالمحيطات ، الذي نظمته COMHAFAT و شبكة مؤسسات البحث العلمي بالأفريقية، كشف الخبراء أن جزر الرأس الأخضر تستقبل بشكل دوري ملايين القوارير البلاستيكية المستعملة في صيد الأخطبوط منقولة من موريتانيا عبر التيارات البحرية من الشرق نحو الغرب. ما تترتب عنه تداعيات بيئية جسيمة ، إضافة الى تحميل حكومة الجزر تكاليف زائدة في تنظيف الشواطئ و المصايد من النفايات البلاستيكية المنقولة عبر البحر.
بذات المناسبة أكد ممثل المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري انتقال الأبحاث من إجراء اختبارات عن كمية الأصناف في الصيد الى كمية النفايات في الصيد ، ما يعزز التحذيرات الدولية بتحول المحيطات الى مطرح للنفايات و اختفاء الأسماك في غضون ثلاثين سنة المقبلة(2050).
النفايات و المقذوفات من وحدات الصيد التي ستحل ضيفا على مصيدة الجنوب قادمة من أكادير و طانطان و العيون ،أو تلك المحلية بالدائرة البحرية لسيدي الغازي الى عين بيضة، هي الأخرى تشكل جهدا على البيئة البحرية من حيث كميات النفايات و نوعيتها أن غير قابلة للتحلل و في الحد الأدنى التي تشكل وسيطا لنقل الأحياء الغازية.
ما لا تقاربه الإدارة الوصية على قطاع الصيد البحري و لا حتى الغرف المهنية الموكول إليها تأطير الراي العام المهني ، هو الاهتمام بالبيئة البحرية من منظور شمولي يبدأ من التكوين و تقييد التجهيز بالمعدات التي تشكل تهديدا مفترضا بالبيئة الى المواكبة و الدعم ، فيما يصول و يجول وزير الصيد و الخبراء المرافقون العالم لاستعراض تجربة المغرب في الصيد و استعراض مبادرة الحزام الأزرق ، و تأكيد انخراط المغرب في المبادرات ذات الشأن البيئي.
إن ما يمر به قطاع الصيد البحري من زلزال، هو تحصيل حاصل لما يعيشه العالم من تداعيات التلوث على المناخ و على البيئة برا و بحرا، ما يفرض على السلطة الحكومية المكلفة بالصيد البحري ملائمة العديد من المخططات و التدابير لمواكبة التغيرات و استباق الكوارث، و تجاوز نشوة الانتصار على اليوتيس1، و مواجهة تحديات النسخة الثانية من اليوتيس في أفق 2030. حيث و لحد الآن لم نشهد في ظل حالة الوقف التي يعيشها قطاع الصيد البحري الأشبه الى الإفلاس، أي مؤشر يضع المصلحة العليا و مصلحة الأجيال المقبلة فوق كل اعتبار، حيث لا يزال “حل/سد” هو الحل السحري لحماية الثروة السمكية و تجديد المخزون من أجل الاستغلال المؤقت للموارد البحرية، فيما يواجه الصيادون التداعيات السوسيو اقتصادية تحت أنظار الحكومة التي تتربص فقط بالمداخيل و تتفنن في إبداع طرق التحصيل الضريبي.
و الى ذلكم الحين فكل عام و انتم بخير.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل.