مرة أخرى يخلف الاعلام الوطني و نواب الأمة موعدهم مع الموضوعية ، و هذا ما يبدو من واقعة اقتناص و تجزيئ تصريح السيد كاتبة الدولة المكلفة بالصيد لأغراض سياسوية و تدويخ الرأي العام و جره في نقاش بيزنطي، ابطاله بعض وسائل اعلام و نائب عن حزب البيديجي على اثر اللقاء الحزبي:نقاش الاحرار” بالداخلة.
ما ندريه في الصيد البحري أن أغلب أو جل المهنيين ينتسبون لحزب ما ، و هذا الوضع راجع بالأساس الى طبيعة تدبير القطاع التشاركي عبر الغرف كمؤسسات استشارية و الذي يفرض تشكيل تكثلات و لوبيات بيمهنية، و بالعودة الى قائمة الهيئات المهنية في الصيد البحري من الغرف(4/3) و جامعتها ، و باقي الهيئات الكبرى في الصيد التقليدي(2) و الصيد الساحلي(2) و فدرالية الصيد البحري CGEM، عالي وفدرالية الصيد بأعالي البحار..كلها أغلب أعضائها منتسبون الى حزب التجمع الوطني للأحرار،و بعض عن الاستقلال و قلة عن الاصالة و المعاضرة و اللم بين الحصان و السنبلة و الوردة.
و هذا المؤشر يجيب على استفهامات كثيرة و يجر النقاش الى منحيين متباينين: احتكار حزب معين لقطاع الصيد البحري أو ضرب الممارسة الدستورية و الحق في الانتماء السياسي .
أما و خروج وسائط الاعلام و بعض الساسة بعد كل تصريح لأي مسؤول في قطاع الصيد البحري بهذه الطريقة البئيسة التي شهدناها خلال جلسات البرلمان الأخيرة او ما استتبع استعراض كاتبة الدولة المكلفة بالصيد منجزات حزبها بالداخلة ، فقد أفقد العمل الرقابي قوته الحقيقية و ضرب مصداقيته، خصوصا بعد تورطه في التجزيئ و التلفيق و الفبركة و اخراج النصوص عن سياقها.
و من لا يناقش في الصيد البحري الا السردين في رمضان فتلك حدوده الفكرية و الثقافية، و البِطنِيَّه ، احتراما لذاته، عملا بالقول المأثور “عاش من عرف قدره”.
و الواقع أن تدبير قطاع الصيد البحري في شكله المعاصر انطلق مع استراتيجية اليوتيس سنة2009 ، و قبل الحديث عن البرامج ، وجب التوقف عن معنى “الاستراتيجية” ، وتعريفا المبسط على أنها الخطة البعيدة المدى ذات الأهداف الكبرى ، بما فيها مشاريع تربية الاحياء المائية التي انطلقت.
أي أن هذا المشروع الريادي الذي قدم خلاله المهنيون و الموارد البشرية تضحيات جسام قبل ان يسطع نجم الاحرار، إبان أن كان عزيز اخنوش وزيرا للصيد البحري تقنوقراطي الهوى ، و ثم امينا لحزب الاحرار، و بعده جاء محمد الصاديقي قبل أن تتولى “زكية الدريوش” مهمة كتابة الدولة، بمعنى أن البرامج مستمرة و تشكل رؤية موحدة و أهداف متكاملة على راسها استدامة الموارد البحرية، السيادة الغذائية، الأمن الغذائي ، استقرار الانشطة الاقتصادية، الحماية الاجتماعية لمجتمعات الساحل .
المشهد الكاريكاتيري هو إذا ما ووجه أولئك الذين يطرحون الأسئلة في البرلمان من النوام ، عن هذه الأهداف و تفاصيل تنزيلها و الاكراهات التي تواجه الإدارة في تنزيلها …..حتما سيبتلعون السنتهم و يضعون راسهم في التراب كالنعام ، حيث سيتبين أن ما ينطقون إنما يتلى عليهم ، بل عند جواب المسؤولين سيأممون “أمين”.
وبالعودة الى العقد الساخن من تاريخ الصيد البحري (2009-2020) فيمكن الجزم أن أحدا لم يكن ليعرف ما معنى “تربية الاحياء المائية” ، و لا حتى ناقش الوضعية البئيسة لرجال البحر، او تناول فصول الحرب الاقتصادية ضد الاستثمارات في الصحراء ، بل كان كثير من النوام و بعض وسائل الاعلام يجترون فقط ما يصدر عن ديوان الفاسي أو بوريطة وزارة الخارجية ، ويطلقون نداءات المقاطعة ضد “أكوا” عبر العوالم الافتراضية، و ينتظرون شهر رمضان و فصل الصيف لفتح النقاش العمومي حول ارتفاع سعر السردين..
لذلك و لأجل كل هذا يمكن الترحم على العمل السياسي اذا كان دور النواب فقط هو طرح الاسلئة بالبرلمان مقابل اجرة 30الف درهما و تعويضات سمينة و تقاعد مريح ، حيث يجب اعادة النظر في التسيمة لتصبح الصفة “سوّال برلماني”.
كتبها للمغرب الأزرق الاستاذ حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل.
عضو المرصد الاعلامي للصيد المستدام بافريقيا