” قلقل مهني ” او تقلق مهني ” عنوان عريض لحالة “السوق بقطاع الصيد البحري” ، هذا ما يحاول البعض تسويقه على اثر التقرير المقلقل للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري حول حالة محزون السمك السطحي بالمنطقة الجنوبية.
حالة القلق هي نفسها التي تخيم على قطاع الصيد البحري منذ سنين بسبب التقارير المقلقة للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري التي تصيب المهنيين بالقلق، و تؤثر على العلاقة بين مكونات القطاع من بحارة و مجهزين و تجار سمك و وحدات تصنيع، و بينها جميع المصالح العمومية و الشبه عمومية و الخاصة التي تسهر على تدبير انسيابية و مرونة نشاط سلسلة القيمة.
فعلى مستوى سلسلة القيمة فلايزال المهنيون قلقون من ارتفاع تكاليف الانتاج و تراجع المردود نتيجة قلقل الحكومة من “ما بعد كورونا و الحرب الروسية الاوكرانية”، و اعتمادها سياسة التطنيش.
كما لايزال المهنيون قلقون من قلقل المخزون السمكي من السمك السطحي ، و ما اذا كان هذا الاخير قد “تقلق” من ممارساتهم ضده و هجر المصايد ، ام أن “قلقله” راجع الى ظروف أخرى و “الساعة لله”.
القلق الكبير الذي ولدته حالة القلق ، هو تقلق البعض من البعض ، فالادارة قلقلة من سلوك المهنيين غير الرشيد في الصيد و لا يعنيها قلق المهنيين على استثماراتهم بسبب الازدواج الضريبي و هشاشة الحماية الاجتماعية و ارتفاع تكاليف الانتاج و تكاليف العيش في ظل ترسانة قانونية مهلهلة ، كما أن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري قلقل على حالة المخزون و لا يهمه قلق اي طرف ثالث ، و لا حتى تقلق المهنيين منه و من تقاريره ، أما المهنيون فقلقهم” فشكل” ، فلا حالة المخزون تعنيهم و لا قلقل مؤسسة البحث العلمي من تراجع المخزون بسبب قناعة المهنيين أن هذه المؤسسة تبقى آلية لشرعنة بعض القرارات الجائرة في حقهم، و لا يعنيهم حتى قلق المسؤولين على حال القطاع، و لن يثنيهم ذلك عن البحث عن مخرج لازمتهم بكل الوسائل.
فالمهنيون يتعايشون مع قلقل البحر و أمواجه ، و متعايشون مع قلق الادارة عليهم و قلقها منهم ، و متعايشون مع قلق بعضهم(الباذنجانيون) المقلقين عليهم ليس الا لقلق الادارة فقط عليهم قبل أن ترضى الادارة عليهم ، و متعايوشن مع قلقل بعضهم عليهم بسبب المعاملات….
فقلق المهنيين الوحيد يكون فقط على أنفسهم و ما بات عليه حالهم، أكثر من قلقهم من قلقل أو تقلق الأطراف الأخرى أو على حالة المخزون.
تقارير المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري المقلقة حول حالة المخزون ، اصبحت أشبه بتقارير الجمعية العامة للأمم المتحدة حول ما يجري حول العالم من حروب و تفشي الكوارث الانسانية، حيث أقصى ما يمكن أن يعرب عنه الأمين العام للامم المتحدة هو القلق من الوضع ، و دعوة الأطراف الى التحلي بالمسؤولية و نثر بعض المبادئ لتخفيف قلق المستضعفين و المضطهدين.
نفس القلق الذي يعرب عنه القادة المهنيين في الصيد البحري هو ما تعرب عنه القوى العظمى بحماية حقوق الإنسان و الحد من التلوث والتصدي للهجرة غير النظامية و المتاجرة بالبشر و نشر الديمقراطية…
حيث يعرب قادة التنظيمات المهنية عن قلقهم بعد كل تقرير مقلق للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ، تضامنا مع قلقل الوزارة الوصية على مستقبل القطاع ، بالدعوة الى محاربة الصيد غير القانوني و التهريب….
حالة القلق العامة التي تخيم على قطاع الصيد البحري أصبحت لا تشكل حالة قلقل للأطراف، الجميع بات متعايشا معها و مطبعا معها ، تحت شعار ” الساعة لله” ،و “بدل الساعة”.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل.