يعقد غدا الاثنين 23 يناير مجلس البرلمان بغرفتيه دورة طارئة في موضوع قرار البرلمان الأوروبي الأخير الذي أدان المغرب في ملف حقوق الأنسان.
حدث سياسي و سيادي سيفضي الى استصدار موقف موحد من ممثلي الامة ما يعني صوت الشعب ضد ما القرار قرار البرلمان الاوربي.
و في اعتقادنا الراسخ أن موفق البرلمان الأوربي هو جزء من ترسانة أسلحة جاهزة للإطلاق كل حين و عندما تستدعي الضرورة، و هو ما يعيه صناع القرار بالمغرب، و شريحة واسعة من الشعب المغربي ، و تم الاشتغال عليه على مدى عقد من الزمن بأقصى سرعة. حيث نجح المغرب في التخلص من التبعية الأوربية الاقتصادية بدء من الانفتاح على أفريقيا و التغلغل فيها بل و مزاحمة مصالح بعض القوى الاستعمارية فيها ، كما اعتمد سياسة اقتصادية تقوم على تنويع الشركاء من مختلف القارات كالصين و روسيا ، كما حسم في الخيار الاستراتيجي بالتحالف “الانكلوساكسوني” بقيادة الولايات المتحدة الامريكية مع الحفاظ على التوازن بين القطب الشرقي الذي تمثله كل من روسيا و الصين ، ثم توسيع المنطقة الاقتصادية البحرية ..
رد الفعل الاوربي لم يتطور في اعتماده على الحملات الاعلامية المكثفة(كما كانت الحملات الصليبية ) و تبادل الأدوار بين اللاعبين الكبار و هما ألمانيا و فرنسا، و اسبانيا التي تورطت بشكل محرج مع المغرب بسوء تقدير ،و دفعت الثمن غاليا ،بل و تحملت تكلفة ذلك، و ذاقت مرارة الحصار لأشهر، قبل أن تدعن و تقدم تنازلا سياسيا و تاريخيا بشكل علني و صريح.
الورقة الحقوقية ورقة مُسيَّسة و محروقة، حيث سبق و أن تم استعمالها في الابتزاز الاقتصادي منذ عقود باستعمال بعض الأسماء المحسوبة على الصحراء ، و هو ما كشف عورة الاتحاد الأوربي و الغرب بصفة عامة ، بل كشف عن “قصور” كبير في تطوير الأساليب حسب تطور العصر، ما يعكس خللا في منظومتها توحي بالعجز و الشيخوخة.
و يكفي هنا أن نقول أن المغرب و منذ انفتاحه على الاقتصاد البحري ، انزلق من بين أصابع القوى المتحكمة و على رأسها فرنسا و الاتحاد الأوربي، من خلال إطلاقه شبكة الموانئ الاستراتيجية الكبرى من الناظور الى طنجة الى الدارالبيضاء و الجرف الأصفر فأكادير ثم الداخلة في أفق تنشيط ميناء أسفي و العيون، و هي شبكة موانئ تعد منصات كبرى تجعل من المغرب محطة بحرية للتبادل التجاري و التموين و الإصلاح و الترميم، هنا لا بد من التركيز على القرار الروسي بنقل نشاط ترميم الأسطول الروسي من لاسبالماس الى الدارالبيضاء و جهوزية المغرب لاستقبال هذا النشاط النوعي و الاستراتيجي.
أما فيما يخص الصيد البحري ، فيكفي ما سيعانيه أسطول الاتحاد الأوربي بعد قرار المحكمة الأوربية التي قضت ببطلان اتفاقية الصيد بين المغرب و الاتحاد الاوربي ، مع استحضار ما سبق من تداعيات تعثر المفاوضات حول الصيد البحري و تعطيل اسطول الصيد خصوصا منه الاسباني. و التي ربما زيارة رئيس الحكومة الإسباني مقتبل الشهر القادم ستكون من أجل احتواء اي تداعيات و ضمان استقرار المنافع الاقتصادية في الصيد البحري الذي يساهم بشكل كبير في توليد دينامية سوسيو اقتصادية بجنوب اسبانيا و بحجم أكبر بجزر بكناريا .
و إذا كان الرهان سابقا على التضييق على ولوج المنتوجات البحرية او الفلاحية ذات المصدر من الصحراء المغربية من أجل اتنزاع مكاسب في الصيد البحري ، فبفضل الرؤية الاستباقية و حنكة الديبلوماسيين الاقتصاديين نجح المغرب في اختراق أسواق جديدة تكفيه عن السوق الاوربي ، و بالتالي سيكون على الاتحاد الأوربي إعادة التفكير أكثر من مرة قبل استصدرا أي قرار بخلفية ابتزازية، اذا علمنا أن تكلفة العطالة الاجتماعية جد باهضة ستنضاف الى تداعيات كوفيد و الحرب الروسية الاوكرانية..
و في اعتقادنا المتواضع، و في ذات الاتجاه يجب على صناع القرار في الصيد البحري خصوصا، تفعيل و تطوير دور منظمة ” كومافات” لترقى الى مستوى جد متقدم جدا قادر على توحيد القرار الغرب افريقي في الصيد البحري في مواجه استغلال القوى المتحكمة ، خصوصا و أن الاتحاد الأوربي يوقع اتفاقيات استغلال المصايد غرب افريقية بشكل مجزء بين كل من المغرب و موريتانيا و هلم جرا الى خليج غينيا حيث المنطقة تعد قطب رحى لصراعات مفتعلة تضمن استدامة الاستغلال من طرف الشركات الكبرى، التي تتجاور الصيد الى مستوى القرصنة،و تتعدى الصيد البحري الى استغلال الغابات و البترول و المعادن التفيسة.
و من جهة أخرى يجب على الفاعلين الاقتصاديين المغاربة خصوصا في الصيد البحري السير بنفس السرعة مع باقي القطاعات الاستراتيجية في ولوج السوق الأفريقي من أجل الاستثمار في الصيد البحري و الصناعات البحرية ،و نقل التجربة المغربية الرائدة حيث تكاليف الانتاج متواضعة مقارنة مع الإمكانيات و الموارد الطبيعية و الفرص المتاحة، و بالتالي الاسهام في تنمية هذه الدول و الحد من الهجرة التي تغرق البلاد و تحول المغرب من بلد عبور الى بلد استقبال الى دركي فوق العادة.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الاعلام البحري و التواصل.