كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Communications Biology أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات، تجبر أسماك القرش على ترك مواطنها المرجانية، مما يعرض أسماك القرش والنظم البيئية بأكملها للخطر.
في دراستهم للظاهرة استخدم العلماء الأقمار الصناعية وأجهزة الاستقبال الصوتية تحت الماء لمراقبة أكثر من 120 سمكة قرش رمادية (Carcharhinus amblyrhynchos) في الشعاب المرجانية في أرخبيل تشاجوس في المحيط الهندي من عام 2013 إلى عام 2020.
خلال هذه الفترة الزمنية، تمكن الباحثون من جمع 714000 كشف صوتي لاستكمال بيانات الأقمار الصناعية. ما سمح لهم بتتبع تحركات أسماك القرش وسلوكياتها جنبًا إلى جنب مع الضغوط البيئية للشعاب المرجانية، مثل درجات حرارة سطح البحر والتيارات المحيطية والرياح.
مؤلفو الدراسة وجدو أنه بعد فترات من الضغط على الشعاب المرجانية، مثل ظاهرة النينيو في عام 2016 التي أدت إلى تبييض المرجان على نطاق واسع في موقع الدراسة، فإن أسماك القرش تتخلى عن موائلها المرجانية لعدة أشهر. تخلت أسماك القرش عن الشعاب المرجانية المجهدة لمدة تصل إلى 16 شهرًا خلال فترة الدراسة.
مايكل ويليامسون، المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد علم الحيوان التابع لجمعية علم الحيوان في لندن، أوضح أن “أسماك القرش هي حيوانات ذات دم بارد يتم تنظيم درجة حرارة أجسامها بواسطة بيئتها الخارجية……..تُظهر أسماك قرش الشعاب المرجانية في مناطق أخرى تنظيمًا حراريًا سلوكيًا لتجنب الضرر الفسيولوجي الناجم عن درجات حرارة المياه المعاكسة، وهذا أحد المحركات المحتملة للنتائج في هذه الدراسة”.
برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ذكر إن الفشل في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري وتغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى أحداث تبييض المرجان السنوية، وقد تخضع 99٪ من الشعاب المرجانية في العالم لتبييض شديد كل عام بحلول نهاية هذا القرن. وعلاوة على ذلك، قد يستغرق الأمر خمس سنوات أو أكثر حتى يتعافى المرجان.
واستجابة لذلك، قد تستمر أسماك القرش في البحث عن مياه أكثر برودة لفترات أطول من الزمن. وبالفعل، فإن غياب أسماك قرش الشعاب المرجانية الرمادية يثير قلق العلماء.
مايكل ويليامسون أضاف : “باعتبارها حيوانات مفترسة كبيرة، تلعب أسماك قرش الشعاب المرجانية الرمادية دورًا مهمًا للغاية في النظم البيئية للشعاب المرجانية. فهي تحافظ على شبكة غذائية متوازنة بدقة على الشعاب المرجانية كما تقوم أيضًا بدورة العناصر الغذائية على الشعاب المرجانية من المياه العميقة حيث تتغذى غالبًا. إن فقدان أسماك القرش، والعناصر الغذائية التي تجلبها، يمكن أن يؤثر على مرونة الشعاب المرجانية خلال فترات الإجهاد البيئي العالي”.
و رغم قتامة الصورة فقد تضمن التقرير بعض النتائج الأكثر إيجابية، فقد شهدت بعض المواقع التي تمت مراقبتها زيادة في إقامة أسماك القرش، لكن مؤلفي الدراسة لاحظوا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما الذي أدى إلى مثل هذه الزيادات. و التي يحتمل ان قد تكون بسبب مرونة بعض الشعاب المرجانية في مواجهة الضغوط، أو قد تكون هناك عوامل أخرى تؤثر على سلوك أسماك القرش.
صحيفة الجارديان، ذكرت إن إزالة الفئران الغازية وزيادة أعداد الطيور يمكن أن تساعد في تحسين مرونة المرجان، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة في أعداد أسماك القرش التي تعيش في الشعاب المرجانية.
و يليامسون أوضح أن: ” الأبحاث الحديثة في أرخبيل تشاجوس، حيث أجرينا دراستنا،أظهرت أن الشعاب المرجانية التي تتمتع بتدفقات غذائية أكبر من الطيور البحرية عززت بشكل كبير الكتلة الحيوية للأسماك وبالتالي زادت احتمالية قدرتها على الصمود في مواجهة عوامل ضغط متعددة. كما كانت بعض أجهزة الاستقبال التي رأيناها تشهد عددًا أكبر من أسماك القرش بالقرب من الجزر التي تضم أعدادًا كبيرة من الطيور البحرية”.