في كلمته بمناسبة انعقاد أشغال الأسبوع الافريقي للمحيطات ، الذي تحتضنه مدينة طنجة من 7 الى 10 أكتوبر الجاري ، أشاد عبد اللطيف هلال الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة ، بجهود وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية الريفية والمياه والغابات، لتصميم مبادرة الحزام الأزرق لتتحول الى مناسبة سنوية تكون منصة للاجتماعات والتبادل القاري ، وزاوية حجرية تساهم في تعزيز مرونة المحيطات .
” بعد مرور 8 سنوات على إطلاقها، وبفضل التعبئة الاستباقية لشركائنا، أصبحت مبادرة الحزام الأزرق أداة دبلوماسية ومساحة التقارب القارية للبحث والابتكار والخبرة والتضامن التنموي والشراكات المربحة للجانبين من أجل تنمية الاقتصاد الأزرق. والحفاظ على النظام البيئي للمحيطات”.يقول عبد اللطيف هلال.
الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة سلط الضوء على إمكانيات الطبيعية بأفريقيا من حيث السواحل التي تمتد على طول يصل الى 47000 كيلومتر، موزعة بين 38 دولة ساحلية وجزرية. اضافى الى المسطحات المائية من موارد المياه العذبة، بما في ذلك سبعة أنهار رئيسية ، يبلغ طول كل منها أكثر من 2000 كيلومتر، فضلا عن البحيرات الكبيرة، مثل بحيرة فيكتوريا وبحيرة تشاد، فضلا عن العديد من الأراضي الرطبة، مشيرا الى أن اقتصاد المحيطات يدر على القارة الافريقية ما يقرب من 6 تريليون دولار بينما تولد أنشطة صيد الأسماك 100 مليار دولار سنويا، و معها 260 مليون فرصة عمل.
وفق تقرير اقتصاد المحيطات الذي اعده خبراء تتراسه النرويج وبالاو ، تنتج المحيطات ما قيمته 2.5 تريليون دولار أمريكي من السلع والخدمات كل عام. في حين تقدر القيمة السنوية للأصول المحيطية بنحو 24 تريليون دولار أمريكي.
وفيما يتعلق بالقارة الأفريقية، خلص الاتحاد الأفريقي إلى أن الاقتصاد الأزرق في أفريقيا يولد إمكانات هائلة لخلق الثروة وفرص العمل. ينتج هذا الاقتصاد ما يقرب من *300 مليار دولار* سنويًا. وهو يدعم *ما يقرب من 50 مليون وظيفة* في قطاعات مثل صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة الساحلية والنقل البحري والطاقة المتجددة. كما يساهم قطاع الصيد في تحقيق الأمن الغذائي لأكثر من 200 مليون أفريقي ويولد قيمة مضافة تمثل في المتوسط ما يقرب من 1.25% من الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي.
“سيلعب تحسين الاقتصاد الأزرق دورًا مركزيًا في تحقيق هدفي التنمية المستدامة 2 (القضاء على الجوع) والهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (الحياة المستدامة تحت الماء)، وبالتالي سيساهم في السيادة الغذائية في أفريقيا. توفر الموارد البحرية والساحلية، بما في ذلك صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية وتثمين الموارد البحرية، فرصة فريدة لتعزيز الأمن الغذائي في قارتناْ، ولا يمكن أن يصبح هذا التحسين حقيقة واقعة دون وضعه في إطار التكامل الإقليمي وشبه الإقليمي والتنمية المستدامة الداخلية” يقول عبد اللطيف هلال.
حيث تبرز ضرورة توحيد قوة العمل الجماعي ، التي تركز على التعاون بين بلدان الجنوب، والتي من شأنها أن تعمل على تعزيز استغلال الموارد السمكية بشكل أفضل وتنمية الإمكانات الأفريقية في مجال أفضل التقنيات لاستغلال ثروات المحيطات.
ممثل المغرب في الأمم المتحدة أشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وضع دائما التعاون جنوب-جنوب في قلب سياسته التضامنية مع القارة الإفريقية. وفي ظل قيادته وتوجيهاته السامية، أقام المغرب شراكات استراتيجية تهدف إلى تحقيق السيادة الغذائية الإفريقية. وذلك بفضل تبادل المعرفة العلمية في مجال الصيد المستدام وتربية الأحياء المائية والمساعدة.
تظهر الدراسات التي أجرتها اللجنة الاقتصادية لأفريقيا أن 90 في المائة من الصادرات والواردات العالمية تمر عبر المحيطات والبحار المتاخمة لأفريقيا.
“لا ينبغي فهم الاقتصاد الأزرق من حيث البلدان الساحلية وحدها. في الواقع، في عالم معولم واقتصاد معولم، يجب أيضًا دمج أقل البلدان الأفريقية نموًا والبلدان غير الساحلية وعدم تركها خلف الركب في معادلة الأمن الغذائي المائي.
وبهذه روح التضامن القاري بين البلدان الساحلية والبلدان غير الساحلية، تنطلق مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لتشجيع وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي. هذه المبادرة ويعزز مرة أخرى النموذج المغربي للتضامن جنوب-جنوب والتعاون الموجه نحو العمل. كما يعكس تصميم المملكة على تحقيق الرؤية الملكية حول ثلاثية السلام والأمن والتنمية من أجل أفريقيا مزدهرة ومستقرة ومسالم.” يقول عبد اللطيف هلال.
واختتم الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة كلمته بملاحظات بمثابة توصيات لافريقيا قوية بمواردها الطبيعية و وحدة كلمتها :
1.لقد حان الوقت للانتقال من وضع تصور للاقتصاد الأزرق إلى وضع خطط عمل وتنفيذ تدابير ملموسة تلبي احتياجات التنمية الفورية للبلدان الساحلية وغيرها من البلدان. وتتمتع مبادرة الحزام الأزرق بكل الإمكانيات لتحقيق هذا النهج الديناميكي والاستباقي.
وفي هذا الصدد، أود أن أشيد بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية الريفية والمياه والغابات؛ المعهد الوطني لبحوث مصايد الأسماك – INRH؛ الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية-ANDA؛ المكتب الوطني للصيد البحري – ONP وكذلك شركائنا في التمويل، البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، على الجهود الجديرة بالثناء المبذولة لتحقيق أهداف “مبادرة الحزام الأزرق”.
2.ومن المهم تعبئة القطاع الخاص لتمويل مشاريع الأغذية الزرقاء. وينبغي تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هيكلة المشاريع مثل الموانئ الخالية من الكربون، وأنظمة التبريد ومعدات تجهيز الأسماك، وما إلى ذلك. وهذا سيجعل من الممكن تحويل وتعزيز سلاسل القيمة وتعظيم فوائد الموارد المائية، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي. وبما أن القطاع الخاص يكون ضعيفاً في بعض الأحيان أو حتى في مرحلة جنينية، فقد يكون من المناسب دمجه في شراكة بين القطاعين العام والخاص.
3.إن أهمية الاقتصاد الأزرق ومساهمته المعترف بها الآن في الاقتصاد العالمي تتطلب إعادة التفكير في إدارة المحيطات وتعزيزها من أجل ضمان التوزيع العادل والمنصف للمنافع الاقتصادية لصالح سكان المناطق الساحلية. سيكون المؤتمر الثالث حول المحيطات المقرر عقده في نيس عام 2025 فرصة مثالية لرفع هذا المطلب المشروع للإدارة الدولية الشاملة للاقتصاد الأزرق.
4.وينبغي لأي رؤية للمحيطات أن تدعو إلى اتخاذ إجراءات ملموسة بما في ذلك إنشاء صناديق زرقاء مثل صندوق المناخ الأخضر الذي أنشأته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وذلك من أجل المساهمة في تمويل التكيف مع تغير المناخ، والاستثمار في مرونة المحيطات وتمويل المشاريع الزرقاء الوطنية والتعاون الثنائي والثلاثي.
5.ومن الضروري إشراك القطاع الأكاديمي ومعاهد البحث والتطوير من أجل تحفيز وتطوير مفهوم السيادة الغذائية المائية. وسيمكن التعاون الطموح بين بلدان الجنوب في هذا المجال من تحسين استغلال الموارد المائية، وحماية التنوع البيولوجي البحري، وإدامة الممارسات الغذائية المائية.
6.ويجب عدم إخفاء أو إهمال الأصول السياحية والثقافية للبحار والمحيطات. تظل السياحة الساحلية والبحرية حيوية لتحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمعات الجزرية والساحلية، ومن هنا تأتي الحاجة إلى دمج الجانب السياحي في أي استراتيجية للاقتصاد الأزرق. ومن المرجح أن يؤدي هذا النهج إلى تعزيز التقارب بين البلدان الأفريقية، وتوطيد الجوار بين الدول، وتعزيز التفاهم والتعايش بين الشعوب، وتوطيد حوار الثقافات.