انطلقت منذ ايام قليلة الحملة الوطنية لصيد الأخطبوط نحو جميع مصايد المملكة، وسط تكهنات بضبابية مؤشرات السوق الدولي رغم التطمينات الرسمية، تعكسها الأرقام المسجلة في أسعار السوق الوطني ، عقدت عليها آمال بتحقيق غلة تمكن من تغطية التكاليف وتوسعة في الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لآلاف البحارة.
مئات وحدات الصيد البحري بجميع اصنافها توجهت نحو البحر بعد تجهيز بمعدات الصيد والمؤونة اللازمة بعد استكمال الإجراءات الإدارية اللازمة لولوج المصايد، وقبل ذلك اجتماعات ما يسمى بالتمثيليات المهنية للاجتماعات الرسمية للمجالس الإدارية ولجان التتبع لترتيب التدابير انطلاق موسم الصيد.
جرى ذلك دون اعتبار لعملية جد مهمة و تعتبر مفصلية و جوهرية تتمثل في ” الحملات التواصلية و التحسيسية” من أجل إنجاح موسم الصيد بأقل الخسائر الجانبية و التي تتمثل في حوادث البحر و حوادث غرق وفقدان البحارة اثناء مزاولة عملهم، او السلوكيات غير الرشيدة في الصيد البحري او الجرائم البيئية كالصيد غير القانوني و التخلص من المصيد و التخلص من قطع الشباك العالقة و الاكياس البلاستيكية…. والتصريح بالمفرغات بعد العودة والبيع عبر المسلك القانونية…
والمتتبع للمشهد الإعلامي الوطني لن يجد الا البلاغات الرسمية عن موعد انطلاق موسم الصيد والحصص المخصصة التي لا تعني الرأي العام في شيء ، وهو محتوى غير ذي أثر على الحالة العامة لقطاع الصيد البحري التي لا ترتقي مع بداية كل موسم صيد، ولا تمنع حوادث البحر او تحافظ على حالة المخزون او تحسن من وضعية الصيادين او تحمي البيئة البحرية.
ما يقع خلال رحلات الصيد من حوادث نخلف كوارث اجتماعية ،وأعمال إجرامية في حق الثروة السمكية هو ما تجب محاصرته من أجل الحد منها وتجنيب الهدر و حماية حقوق الصيادين وضمان استقرار أنشطة الصيد، وهي مسؤولية جماعية لا تعني فقط الوزارة الوصية بل جميع الأطراف المتدخلة في حماية البيئة كقطاع البيئة والتجهيز والصيد البحري والدرك البحري والبحرية الملكية…والمجتمع المدني الى جانب الغرف المهنية و نقابات الصيادين.
و بما أن التوجه العام لكتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري هو الانفتاح على جميع القضايا ذات الصلة بالصيد البحري و اعتماد سياسة تواصلية متفردة و مستجدة ، فلا بد من سحب هذا التوجه على جميع الأجهزة التابعة لها ، و نفض الغبار على منظومة “الارشاد البحري” و تحيين أدوارها و تعزيزها بالمناهج و الموارد البشرية المؤهلة، لمواجهة التحديات و ادماج المهنيين و ذوي المصلحة في التحولات الكبرى التي يشهده قطاع الصيد البحري و تربية الاحياء المائية و الصناعات السمكية المستجدة و دينامية السوق الدولي و اتجاهاتها….
طموح مشروع وقابل للتحقيق إذا ما توفرت إرادة حقيقية ورؤية شمولية لإحداث التحول والتقدم نحو الامام في اتجاه جعل المحافظة على الثروة السمكية مسألة سيادية تجمع السيادة الغذائية والسيادة العلمية وتحقق الامن الغذائي والامن الاجتماعي. حتى لا يبق العتب فقط على القطاع الوصي في المحافظة على الثروة السمكية بل تدابير ملزمة للأجهزة ذات الصفة الضبطية، تؤازرها آلية المجتمع المدني والاعلام بالتأطير والرقابة.
تبقى الاشارة فقط أن صناعة صيد الأسماك العالمية، التي تقدر قيمتها بأكثر من 220 مليار دولار سنويًا، تدعم سبل عيش حوالي 61.8 مليون شخص عبر العالم ، وخاصة في المناطق الساحلية التي تعتمد بشكل كبير على المحيط في التوظيف والأمن الغذائي والتجارة، و منهم ثلاثة ملايين مواطن مغربي.
في المناطق الساحلية في جميع أنحاء العالم، تعد النظم البيئية البحرية الصحية أساسية لدعم هذه الصناعات الحيوية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، حيث يشكل تدهور النظم البيئية البحرية بسبب الأنشطة البشرية – مثل الصيد الجائر والتلوث وتغير المناخ – مخاطر اقتصادية كبيرة، مما يهدد المجتمعات المحلية والاقتصاد العالمي الأوسع.
لذلك، فإن الصناعة البحرية مسؤولة عن ضمان التوازن البيئي على المدى الطويل، حيث أن الحفاظ على صحة محيطاتنا أمر حيوي لتأمين الاستقرار الاقتصادي واستدامة سبل العيش للأجيال القادمة.
والى ذلكم الحين نتمنى للثروة السمكية الاستدامة ولرجال البحر السلامة.
كتبها للمغرب الأزرق الأستاذ حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل
عضو المرصد الاعلامي للصيد المستدام بأفريقيا