يشهد قطاع السياحة المغربي دينامية استثنائية، مؤكداً موقعه كقاطرة رئيسية للاقتصاد الوطني ومصدراً رئيسياً للعملة الصعبة. وقد كشفت آخر الأرقام عن نتائج غير مسبوقة تجاوزت التوقعات الاستراتيجية للدولة، حيث سجلت عائدات السياحة بالعملة الصعبة رقماً قياسياً جديداً بلغ 87.6 مليار درهم حتى نهاية شهر غشت 2025، محققة زيادة ملحوظة بنسبة 14% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وكان شهر غشت لوحده الأفضل على الإطلاق بإيرادات بلغت 19.1 مليار درهم. هذه القفزة الكبيرة في العائدات تأتي مدعومة بتزايد ملحوظ في أعداد السياح الوافدين، حيث وصل العدد الإجمالي للزوار إلى 13.5 مليون سائح خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، بزيادة قدرها 15% مقارنة بعام 2024. وفي هذا السياق، أكدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن هذه الأرقام تجسد الدور المحوري للقطاع كأحد أهم مصادر النقد الأجنبي، مشددة على التزام الوزارة بمواصلة تعزيز وتسريع هذا المسار لتحقيق نمو مستدام. على الصعيد الاستراتيجي، تعكس هذه الإنجازات قوة خارطة الطريق للقطاع السياحي (2023-2026)، إذ بالنظر إلى النتائج المحققة بحلول غشت 2025، فإن المغرب يسير بخطوات متسارعة ليتجاوز هذه الأهداف قبل عامين من الموعد المحدد. هذا الأداء يعزز الثقة في قدرة المملكة على تحقيق طموحها الأكبر المتمثل في استقبال 26 مليون زائر بحلول عام 2030، مستفيداً من الزخم الهائل الذي سيوفره استضافته المشتركة لـ كأس العالم لكرة القدم 2030، الأمر الذي يتطلب استمرار وتيرة الاستثمار في البنية التحتية والمنتجات السياحية ذات القيمة المضافة.
هذا الأداء لم يكن ليتحقق لولا الجهود المستمرة في تعزيز الطاقة الإيوائية وتحسين الربط الجوي. وشهدت الفترة الأخيرة إعلانات عن زيادة سعة المقاعد على خطوط مثل مراكش – نيويورك لفترة الشتاء 2025-2026، وتتواصل الاستثمارات الكبرى في قطاع الضيافة بافتتاح مشاريع فندقية كبرى في مدن مثل مراكش، بينما تتجه الجهود التسويقية نحو تنويع المنتجات للترويج لـ سياحة المغامرات والسياحة الإيكولوجية وسياحة الرفاهية (Wellness)، بالإضافة إلى المدن الثقافية التقليدية.
تؤكد هذه الأرقام المذهلة أن المغرب لم يتعافَ فقط من تداعيات الأزمات العالمية، بل انطلق بقوة ليصبح الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا ووجهة رئيسية عالمياً، حاصداً ثمار التخطيط الاستراتيجي والجهود الرامية لجعل المملكة وجهة عالية الجودة على الخارطة العالمية.