جاء الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش لعام 2025 ليؤكد على الرؤية الملكية لمستقبل المغرب، مرتكزاً على التنمية الشاملة، تعزيز الجهوية المتقدمة، وتكريس حوكمة رشيدة في التدبير الترابي.
حيث شدد جلالة الملك على أن التقدم الذي أحرزه المغرب نتاج رؤية بعيدة المدى، واختيارات تنموية صائبة، واستقرار سياسي ومؤسسي. ورغم التحديات كالجفاف والأزمات الدولية، حافظ الاقتصاد الوطني على نمو مطرد وشهد نهضة صناعية غير مسبوقة، خصوصاً في قطاعات السيارات، الطيران، الطاقات المتجددة، الصناعات الغذائية، والسياحة، مما عزز مكانة المغرب ضمن الدول الصاعدة. وقد لفت الخطاب إلى إطلاق مشاريع كبرى في الأمن المائي والغذائي والسيادة الطاقية، وتمديد خط القطار فائق السرعة.
و في محور التنمية البشرية، أكد جلالته أن التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية لن تكون كافية ما لم تساهم بشكل ملموس في تحسين ظروف عيش المواطنين، حيث أظهر الإحصاء العام للسكان 2024 تراجعاً كبيراً في الفقر متعدد الأبعاد، وتجاوز المغرب عتبة مؤشر التنمية البشرية ليصنف ضمن الدول ذات “التنمية البشرية العالية”.بالمقابل أقر الخطاب الملكي بوجود مناطق تعاني من الفقر والهشاشة، خاصة في العالم القروي، مؤكداً جلالته رفضه لمغرب يسير “بسرعتين” وداعيًا لإحداث نقلة نوعية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية.
ولتحقيق ذلك، دعا جلالة الملك إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة. ووجه الحكومة لاعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية يرتكز على:
- تثمين الخصوصيات المحلية وتكريس الجهوية المتقدمة،
- مبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية.
جلالة الملك أكد أن هذه البرامج يجب أن توحد جهود الفاعلين حول أولويات واضحة ومشاريع ذات تأثير ملموس، تشمل:
- دعم التشغيل عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية الجهوية.
- تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية في التربية والتعليم والرعاية الصحية لتحقيق العدالة المجالية.
- اعتماد تدبير استباقي ومستدام للموارد المائية لمواجهة الإجهاد المائي.
- إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج بتناغم مع المشاريع الوطنية الكبرى.
على صعيد الحكامة، شدد جلالة الملك على ضرورة توفير المنظومة العامة المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة قبل نهاية السنة الحالية، موجهًا وزير الداخلية لفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.
في سياق العلاقات الخارجية، جدد الملك التأكيد على اليد الممدودة للجزائر الشقيقة، داعياً إلى حوار صريح ومسؤول، ومؤكداً التزام المغرب بالاتحاد المغاربي. كما أعرب عن اعتزازه بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية، مشيدًا بمواقف المملكة المتحدة والبرتغال، ومؤكداً الحرص على إيجاد حل توافقي يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.