بينما تشهد المدن الساحلية الأوروبية احتجاجات ضد السياحة الجماعية التي تهدد البيئة والتراث، تقدم جزر الأطلسي، مثل جزر الأزور وجزر الكناري، نموذجًا مغايرًا للسياحة البحرية المستدامة التي تحمي التراث الطبيعي والثقافي للمحيطات بدلاً من تدميره.
في فاياال، إحدى جزر الأزور، يتبنى المختصون نهج السياحة البيئية لجذب الزوار الذين يقدرون ويحترمون التراث الطبيعي والثقافي للأرخبيل. يدعم مشروع “ecoRoute” الممول من الاتحاد الأوروبي، جهود تهيئة المواقع الأثرية الغارقة لتكون متاحة للغواصين، مما يحول “الحطام” المنسي إلى معالم تاريخية مستدامة تثقف الزوار حول التاريخ البحري الأطلسي. يرى عالم الآثار خوسيه بيتنكورت أن هذه المواقع، التي كانت تُهمل سابقاً، يمكن أن تصبح نقطة جذب مهمة للسياح الراغبين في التعلم.
جنوباً في تنزريف بجزر الكناري، حيث تعيش ثلث أنواع الحيتان والدلافين في العالم، تتبنى شركات مشاهدة الحيتان مقاربة صديقة للبيئة. حيث تستخدم شركة “بيوسيان” التابعة لعالم الأحياء البحرية ميسايل موراليس فارغاس، قوارب مطاطية هادئة لتقليل الإزعاج، وتوفر للزوار فرصة فريدة للاستماع إلى أصوات الحيتان عبر ميكروفونات تحت الماء (hydrophone). يوضح موراليس أن هذا النهج يهدف إلى “تغيير عقلية الناس ليروا الطبيعة جزءاً منا”. هذه المبادرة هي جزء من مشروع “TWINNEDbySTARS” الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي يحوّل العطلات البحرية إلى تجارب غنية بالمعنى.
في فاياال أيضاً، ضمن نفس المشروع، أدمجت شركة “Naturalist — Science & Tourism” البحث العلمي في جولاتها اليومية لمشاهدة الحيتان. يقوم علماء الأحياء البحرية المعتمدون على متن القوارب بتسجيل مشاهدات الحياة البرية وجمع العينات، وإرسال البيانات لمؤسسات البحث. هذا التعاون يقلل من تكاليف الدراسات الميدانية ويوفر للسياح فرصة للاطلاع المباشر على العلوم البحرية.
تأتي حركة السياحة الصديقة للبيئة في وقت حاسم، حيث يمثل قطاع السياحة الساحلية أكبر قطاع في الاقتصاد الأزرق الأوروبي، مستحوذاً على أكثر من نصف وظائفه وأكثر من 200 مليار يورو من الإيرادات. يؤكد جيلبرتو كاريرا، مدير خدمات التنوع البيولوجي والسياسة البحرية بالأزور، على ضرورة تطوير السياحة بشكل مستدام لتجنب أخطاء الماضي. وقد قامت جزر الأزور بالفعل بحماية 30% من مياهها.
وعلى الرغم من تحديات تغير المناخ والتلوث والانقراض الجماعي، تؤكد الباحثة البحرية كارلا دَاماسُو أن “تغيير سلوكنا لا يزال ممكناً للمساعدة في تحسين الأمور”. حتى الإجراءات البسيطة، مثل جمع القمامة من الشاطئ من قبل السياح، يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً.
تثبت جزر الأطلسي أنه يمكن الاستمتاع بالمحيط مع الحفاظ عليه للأجيال القادمة، مقدمة بديلاً للسياحة الساحلية غير المدارة جيداً التي تستنزف البيئات البحرية حول العالم. (ملاحظة: يحظر القانون الإقليمي السباحة مع الحيتان ومعظم الدلافين في جزر الأزور، وتتم الأنشطة تحت ترخيص رسمي لضمان عدم إزعاج الحيوانات).





















































































