كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة أوتاغو في نيوزيلندا وجامعة أنتويرب البلجيكية، عن آلية جديدة تضاف إلى الأضرار البيئية للصيد بشباك الجر التي تجرف قاع البحار. فبالإضافة إلى إطلاق الكربون المحتجز في الرواسب منذ آلاف السنين، تُقلل هذه الأنشطة من قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي عن طريق تغيير درجة قلويتها.
لطالما عمل المحيط، منذ بداية الثورة الصناعية، كإسفنجة عملاقة تمتص حوالي 30% من انبعاثات الكربون البشرية، حيث تعتمد هذه القدرة على امتصاص القلوية ، وهي قدرة مياه البحر على تحييد الأحماض.
يوضح عالم المحيطات في جامعة أوتاغو “سيباستيان فان دي فيلده” أن “كلما ارتفع عامل القلوية، زادت قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي”. ولكن عند اختلاط الرواسب بالماء، فإنها تُدخل العديد من العناصر التي تُغير مستوى القلوية.
لتحديد تأثير الأنشطة البشرية، طور الباحثون نموذجًا بيوجيوكيميائيًا يحاكي “التأثير المادي على قاع البحر” عن طريق “خلط الرواسب افتراضيًا وإعادة تعليق الطبقة العليا”. حيث أظهرت النتائج أن الصيد بشباك الجر القاعي والتجريف يقللان من قدرة المحيط على عزل الكربون بنسبة تتراوح بين 2 إلى 8 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. وتتأثر بشكل خاص المناطق الساحلية الطينية الضحلة، مثل بحر الشمال والبحر الأدرياتيكي، حيث يتركز الصيد بشباك الجر.
آثار متعددة وتداعيات مستقبلية
على الرغم من أن هذا التأثير لا يزال متواضعًا على النطاق العالمي (حوالي 0.08% من الكربون الذي يمتصه المحيط سنويًا)، إلا أن الانخفاض في القلوية له عواقب متعددة. فكما يشير نيكولا متزل، الباحث في مختبر علم المحيطات والمناخ، “عندما تنخفض القلوية، يمكن للمحيط أن يصبح محليًا مصدرًا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون”. والأهم من ذلك، أن هذه الآلية الجديدة لتعطيل احتجاز ثاني أكسيد الكربون في المحيطات، والتي لم تكن معروفة سابقًا، تضاف إلى الآلية المحددة جيدًا بالفعل المتمثلة في فقدان الكربون العضوي المخزن في الرواسب بسبب الصيد بشباك الجر، والتي أعيد تقييمها مؤخرًا بحوالي 10 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
في مواجهة هذه النتائج، هل يجب علينا إعادة النظر في أساليب استغلال قاع البحار، أو حتى حظرها؟ يفضل سيباستيان فان دي فيلده، بصفته عالمًا وليس سياسيًا، عدم تقديم توصيات سياسية مباشرة. ومع ذلك، فإن رسالته واضحة: “بدلًا من التفكير في أنه يجب علينا حل مشكلة المناخ من خلال تطوير المزيد من التقنيات، يجب علينا أيضًا تقييم ما نقوم به حاليًا وكيف يمكننا تحقيق تقدم من خلال تغيير بعض الممارسات.”
تُشير الدراسة إلى أن أنشطة التعدين في أعماق البحار، والتي أجازها مؤخرًا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في تجاهل للقانون الدولي، قد تزيد من هذا التأثير السلبي في السنوات القادمة، خاصة إذا حذت دول أخرى حذوها.





















































































