شكل انخراط أسطول الصيد بالخيط بالمغرب في مشروع “التخلص من استعمال الشباك المنجرفة و العائمة” نقطة مفصلية في مسار قطاع الصيد الساحلي بالمنطقة المتوسطية، و هو للاشارة مشروع وطني يرتبط عضويا بالاتفاقيات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها.
المشروع الذي انطلق قبل 8 سنوات تقريبا و إن خصصت له الحكومة تعويضا ماديا مباشرا لفائدة أرباب المراكب، و تعويضا غير مباشر لفائدة البحارة، الا أن وقعه على الحياة المهنية و الاقتصادية و الاجتماعية لقطاع الصيد البحري بالمنطقة المتوسطية كان جد كارثيا.
فإذا كان الهدف من منع الشباك المنجرفة و العائمة هو حماية بعض الأنواع من الأحياء البحرية كالحيتان و السلاحف و غيرها ، و استهداف التونيات بمعدات أكثر اتقائية كالخيط ، فان أرباب مراكب الصيد بالخيط لم تكونوا في الموع،د خصوصا مع الارتفاع المتردد لحصة المغرب من سمك أبوسيف و التونة الحمراء.
و هو ما أشار اليه “كمال صبري” رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لصنف الصيد بالخيط، حيث اعتبر عدم توجيه مهني الصيد بالخيط نحو الاستثمار في صيد التونيات خللا يسائل القائمين على مصالح مهني الصيد البحري بالمنطقة المتوسطية.
معلوم أن حصة المغرب من التونيات موزعة بين التونة الحمراء و سمك ابو سيف و القرش قد تفوق الأربع آلاف طن، و أن هذه الأصناف مهاجرة و تخضع لنظام تدبير دولي، كما أن المغرب يقع على خط الهجرة . غير أنه و مقارنة مع وحدات أسطول الصيد بالخيط بالمنطقة المتوسطية و التي لا تتعدى 50 مراكبا ، يطرح سؤال “التأطير المهني” لاستهداف التونيات بواسطة تقنية الصيد بالخيط، و بالتالي المحافظة على نشاط الصيد بالمنطقة و كذا كناصب الشغل، عوض التخلص من المراكب و بيعها او الهجرة الى موانئ الأطلسي، ليبقى المستفيد الأول هو “نادي التونة الحمراء”.
معلوم كذلك أن ظاهرة “النيكرو” تعتبر ظاهرة طبيعية ابتليت بها المنطقة المتوسطية، و تكبد في كل يوم مهني صيد السمك السطحي خسائر مادية جسيمة، غير أن الملف و على أهميته لم يلق الرعاية اللازمة و الحل الجذري، و هنا يظهر جليا تقصير المنتخبين في أداء مهمتهم الترافعية أمام السلطات المحلية، إذ لا يزال المنتخبون دستوريا في الغرف غير واعون بدورهم و مسؤولياتهم و صلاحياتهم التي يضعونها بيد الرئيس،فيما أن دورهم هو تمثيل المهنيين بدائرة انتخابهم أمام السلطات المحلية.
و على الرغم من أهمية ملف “النيكرو” كمعيق لنشاط حيوي بالمنطقة ، يبقى التداول فيه جد محتشم، و السبب في ذلك راجع لضعف الترافع و غياب مقترحات ، و التي كنا دوما نقول أن الحل يوجد في صندوق “الكوارث الطبيعية” ما دامت الظاهرة طبيعية و خارجة عن الارادة ، إلا اذا كانت بعض الجهات التي من مصلحتها القتل البطيء لأنشطة الصيد البحري بالتدرج و الإبقاء على نشاط الصيد التقليدي كنشاط وحيد و تحويل الموانئ الى موانئ ترفيهية.
إن التوزيع العادل للثروة السمكية يجب تناوله بمنطق خلق التوازن و درء الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية في منطقة تتسم بالهشاشة، حتى الرهان على السياحة اصبح من المستبعد في ظل الحالة الوبائية التي تجتاح العالم.
و بالتالي فضرورة إعادة النظر في بعض المخططات و البرامج اصبح ضروريا كما حدث مع قطاع الصناعة بالمغرب حيث تدخلت الحكومة لإحداث أنشطة صناعية جديدة حماية للمصانع من الإغلاق و هدر آلاف من فرص الشغل و من المداخيل.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الاعلام البحري و التواصل.