قبل أيام تورطت مصالح المراقبة البحرية بجهة الداخلة وادي الذهب في جريمة بيئية بامتياز عندما أوقفت مركبا الصيد بالخيط أثناء ممارسته لنشاط الصيد في عرض البحر، حيث تم اقتياده مباشرة الى الميناء تاركا معدات الصيد في عرض البحر تعبث بها التيارات بما قد تحتويه من مصطادات.
الحادث مُرَكَّب من جريمة مزدوجة من حيث هدر المصطادات النافقة و العالقة في شباك الصيد دون اعتبار لما قد تحتمله من وجود صيد عرضي لأحياء بحرية محمية كالسلاحف و الدلافين و الفقمات او جثت مهاجرين سريين أو بحارة مفقودين هالكين.
و من جهة أخرى المساهمة في تلويث البيئة البحرية و توفير أخطر عنصر يصنف على أنه القاتل الصامت و هو ” الصيد الشبحي”.
و كلا الجريمتين تصنفان على أنها مخالفات ينظمهما قانون الصيد في الحد الادنى. حيث تشكل النازلة وجها من أوجه عبث المسؤولين و القيمين على حماية الثروة السمكية و البيئة البحرية و تنفيذ القوانين ، علما أن المغرب منخرط في جل الاتفاقيات الدولية و عقد المحيطات و الهدف14 من التنمية المستدامة..الخ. ما يطرح سؤالا آخر ينضاف الى عديد الأسئلة التي نطرحها في إطار النقاش المسؤول حول التكوين و التأطير المستمر حول المستجدات القانوني و التشريعية و البرامج الدولية التي للأسف تبقى شعاراتها مجرد مواد للاستهلاك الإعلامي أو للترويج السياسي لتجميل صورة البلد خارجيا.
يعرف “الصيد الشبحي” أنه معدات صيد(شباك) الضالة في البحر ، إما طافية تسحبها التيار البحرية أو عالقة في قاع البحر، نتيجة التخلص العمد من معدات الصيد غير القانونية، او التخلص منها لأسباب تقنية لتحرير وحدات الصيد ( تجنب التوقف و لزيادة السرعة،اقتصاد الوقود) ، تعلقها بالأجسام الثابتة ( صخور سفن غارقة ، شعاب طبيعية او اصطناعية…)، فقدان معدات الصيد نتيجة عدم التحكم، حوادث جرف سفن عابرة معدات صيد لمراكب صيد أخرى، جرف التيارات البحرية لعلامات تشوير المصيدة….
وفقًا للدراسات العلمية ، يمكن أن تدوم معظم الشباك الاصطناعية ما يصل إلى 8-10 سنوات ، ( الخشبية لمدة تصل إلى شهرين ، و المعالجة كيميائياً لمدة تصل إلى عامين ، والفخاخ بهياكل من الحديد والفولاذ المقاوم للصدأ وشبكات شبكية مغلقة بالفينيل تصل إلى 2 سنتين ، والفخاخ البلاستيكية حتى 10 سنوات)
تتمثل الآثار الرئيسية الناجمة عن معدات الصيد المفقودة، في وقوع أنواع من الأسماك والحيوانات البحرية غير المقصودة بالصيد في الشرك ، مثل السلاحف والطيور البحرية والثدييات وغيرها …ما يتسبب في فبثر أعضاءها و في هلاكها .
وفقًا للدراسات العلمية ، مقابل كل 100 متر من الصيد الشبحي المفقود ، تعلق 309 من الكائنات البحرية مثل الأسماك والسلاحف والقشريات في الشبكة وتموت قبل أن تختل وظيفتها.
كما يؤدي الصيد الشبحي إلى إحداث تعديلات في بيئة القاع البحري بالإضافة إلى طرح أخطار في البحار يمكن أن تفضي إلى حوادث وقد تضر بالمراكب.
بجهة الداخلة وادي الذهب حيث يشكل الصيد البحري النشاط الرئيسي بالمنطقة، تنشط عليه حوالي 4000 وحدة صيد مسجلة من جميع الأصناف، حيث تعيش المصيدة انهاكا شديدا ليس فقط بسبب الصيد الجائر و جهد الصيد، بل كذلك بسبب الفتك التي تتعرض له المصايد نتيجة التلوث الناتج عن الصيد الشبحي، و التي تعد القوارير البلاستيكية و شباك الصيد و الأكياس البلاستيكية أهمها.
مؤسسة المغرب الأزرق و في هذا الاطار، طرحت مبادرتها “المركب الأخضر” كجزء من حل لإشكالية التلوث البحري، في أفق انخراط الفاعلين ، و على رأسهم وزارة الصيد البحري، حيث تم تقديم المشروع للسيد وزير الصيد البحري و رئيس الحكومة خلال معرض اليوتيس2023.
ننتظر معالي وزير الصيد البحري محمد صديقي دعوتنا لتعميق النقاش حول المشروع من أجل تنزيل سليم للمبادرة لما لها من أهداف كبيرة و عظيمة ، ليس فقط في الحد من تلويث البيئة البحرية ، بل التحكم في نسب مساهمة أسطول الصيد الوطني في تلويث البيئة البحرية ، السبب المباشر في تراجع الأرصدة السمكية..
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل
رئيس مؤسسة المغرب الأزرق.