مسير فتح الله-المغرب الأزرق-العيون
بات جليا أن مشكل الصحراء ملعبا تمارس فيه جميع النقلات الاستراتيجية،و بات من المؤكد أن حتى القضاء لم يسلم من العبث السياسي.
فاذا كانت المحكمة الدولية بلاهاي قد أكدت على الروابط التاريخية للسكان الصحراء بالملوك العلويين،عبر التاريخ كما أكدتا الظهائر و المراسلات و أكدها شيوخ و أعيان القبائل الصحراوي في كل حين و عند كل بيعة،
هاهي تخرج محكمة أخرى لا تبعد عن لاهاي جغراقيا،لتقرر قرارا يشوش على مستقبل العلاقات التجارية مع الاتحاد الاوربي.
و في اعتقادي الشخصي،فكلا المحكمتين لم تطربا الطرفين المتنازعين و لن تفعل أبدا ،فلا محكمة لاهاي أطربت المناوئين لمغربية الصحراء،و لا المحكمة الاوربية اقنعت المغرب و شركاءه الاوربيون بقرارها.
الا ان ما ينبغي التنبيه اليه،هو حجم التغليط المستمر الذي يسقط فيه الاوربيون عادة،و يحاولن أن يقنعونا به،و يفقدونا الثقة في أنفسنا و في حقنا التاريخي و الاجتماعي،قبل الاقتصادي، فالبوليساريو ليست الممثل الشرعي لساكنة الصحراء و لن تكون،فهي تمثل المحتجزين في تيندوف سياسيا،والواقع على الارض يقول أن عددا من المستثمرين في الفلاحة و الصيد البحري هم من ساكنة الصحراء و ابناءها. و كثير منهم يمتلكون رخص صيد،و حصص صيد،و معامل تصبير و تجميد و دقيق سمك،و يمارسون تجارة السمك،الى جانب ضيعات فلاحية مما يعكس اما جهل الاوربيين لما هو عليه الحال بجنوب المملكة،أو لا يعتبرون ساكنتها بكل فعالياتهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في شيئ و هنا مربط الفرس.
اذ أكدت جميع المناورات و الشطحات السياسية و الخرجات الاعلامية و حتى القضائية الأوربية ،ان انتاجاتها تعتمد قالبا وحيدا وواحدا و هو أن الصحراء المغربية الغربية أرض خلاء ،استنادا الى دفوعات المستعمر الاسباني قبل1975.
و حتما فالقرار كما أجمع عليه المتتبعون ، هو قرار سياسي، فتزامن اصداره يأتي -و حسب متابعتنا – مع تحرك الاسطول الروسي نحو المياه الجنوبية المغربية،و من يقول روسيا يقول العقوبات الاوربية،و الحرب على نظام الأسد،و هي اشارات معهودة يلقي بها مهندوس الكواليس بأوربا،.
و تأتي الخطوة كذلك لتحجيم ثقة المملكة المغربية في نفسها،بعدما لاقت تنويها و استحسانا في الاداء الاستخباراتي حتى طلبت بلجيكا تعاونا استخباراتيا مع المغرب،بمعنى “ما تفرحش بزاف”.
و من المتوقع جدا و في اعتقادي الشخصي أن يتم طي الملف في مرحلة الاستئناف ،لاننا عهدنا المسرحية دوما،و هو ما لا يجب ان ينساق معه الطرف المغربي،لان من يريد ان يتنعم في خيرات الصحراء يجب ان يكون جزء منها تارخيا و جغرافيا و ليس وجدانيا،أو سياسيا،و أما زمن الريع السياسي و الاقتصادي فلم يقدم لملف الصحراء و لا لشعوبها الا التخلف،و البقاء كأوراق لعب تستعملها القوى الخارجية وفق مصالحها الاستراتيجية.
.