تتعرض صحة المحيطات ومرونتها لتهديد متزايد بسبب الأزمات الكوكبية الثلاث المتمثلة في تغير المناخ و فقدان التنوع البيولوجي والتلوث. ويؤدي ارتفاع درجات حرارة المحيطات والتلوث والتحمض ونضوب الأكسجين إلى تدهور النظم الإيكولوجية البحرية ، ما يعرض للخطر سبل العيش والأمن الغذائي لأكثر من 3 مليارات شخص يعتمدون على المحيطات.
واستجابة لهذه التهديدات الملحة ، يعمل المجتمع الدولي على تطوير أطر قانونية لحماية المحيطات، من خلال اعتماد اتفاقية التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية (اتفاقية التنوع البيولوجي البحري) بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والرأي الاستشاري للمحكمة الدولية لقانون البحار بشأن تغير المناخ يؤكد أهمية الحوكمة القوية للحفاظ على المحيطات.
بالمقابل يشكل بناء القدرات – التي تنطوي على عملية تطوير وتعزيز المهارات والغرائز والقدرات والعمليات والموارد التي تحتاجها المنظمات والمجتمعات للبقاء والتكيف والازدهار في عالم سريع التغير – ورشا كبيرا لتأهيل المسؤولين الحكوميين والمجتمع المدني وقادة القطاع الخاص لتنفيذ هذه القوانين وحماية المحيطات للأجيال القادمة، وفق ما تم التنصيص عليه في الجزء الخامس من الاتفاقية من بناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية.
تهدف اتفاقية حفظ التنوع البيولوجي البحري في البحار والمحيطات في البحر الأبيض المتوسط، التي اعتُمدت في يونيو 2023، والتي تنتظر دخولها حيز التنفيذ، إلى ”ضمان حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية واستخدامه المستدام“. حيث تعترف الاتفاقية بأن دعم الدول الأطراف النامية استناداً إلى احتياجاتها وأولوياتها ومن خلال بناء القدرات أمر ضروري لتحقيق أهداف الاتفاقية.
وبموجب اتفاقية التنوع البيولوجي في البحار والمحيطات والمناطق الساحلية يُطلب من الأطراف، في حدود قدراتها، توفير الموارد لدعم بناء قدرات الدول الأطراف النامية. كما تحدد الاتفاقية آليات التمويل لضمان الدعم المالي لهذه الأنشطة. حيث تنص الاتفاقية على التزامات الأطراف بالتعاون في بناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية وتحدد طرائق مختلفة لهذه الأنشطة، مبنية على الشفافية و الفعالية و النجاعة وقائمة على المشاركة وشاملة لعدة قطاعات ومراعية للمنظور الجنساني، حيث تم إحداث لجنة لرصد واستعراض بناء القدرات من حيث ”الدعم المطلوب والمقدم والمعبأ“، وتحديد الثغرات في تلبية الاحتياجات المقدرة للدول الأطراف النامية لتحقيق أهداف الاتفاق.
يسلط الرأي الاستشاري الأخير الصادر عن المحكمة الدولية لقانون البحار بشأن تغير المناخ الضوء على أهمية بناء القدرات في سياق الحفاظ على المحيطات.
ويؤكد الرأي الاستشاري، الذي أصدرته المحكمة الدولية لقانون البحار في مايو 2024، على أنه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يجب على الدول الأطراف اتخاذ ”جميع التدابير اللازمة لمنع التلوث البحري الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ وخفضه والسيطرة عليه“ وأن الدول الأطراف عليها ”التزام محدد“ بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها من آثار تغير المناخ وتحمض المحيطات.
وشددت المحكمة الدولية لقانون البحار في الفتوى على أن الدول الأطراف ملزمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ”بمساعدة الدول النامية، ولا سيما الدول النامية الضعيفة، في جهودها الرامية إلى معالجة التلوث البحري الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ“ وتقديم المساعدة المناسبة، من حيث بناء القدرات، إما مباشرة أو من خلال المنظمات الدولية المختصة.
البنك الدولي يدعم برنامج التدريب على إدارة المحيطات
من أجل بناء القدرات في مجال حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها وحفظ الموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام، تقدم وكالة الشؤون القانونية بالبنك الدولي برنامجاً تدريبياً شاملاً عبر الإنترنت حول إدارة المحيطات. ويُقدم هذا البرنامج بالشراكة مع كلية الحقوق بجامعة ملبورن، وشعبة شؤون المحيطات وقانون البحار التابعة لمكتب الأمم المتحدة للشؤون القانونية، والسلطة الدولية لقاع البحار، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ومركز القانون البحري والمحيطات بجامعة نانت.
ويوفر هذا البرنامج، الممول من برنامج الاقتصاد الأزرق التابع للبنك الدولي – PROBLUE، دورة تعلم إلكتروني ذاتي مقترنة بورش عمل إقليمية عبر الإنترنت. تُعرّف دورة التعلم الإلكتروني، المتاحة مجانًا في أي وقت باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية من خلال حرم التعلم المفتوح لمجموعة البنك الدولي، المشاركين في البرنامج على الحوكمة العالمية للمحيطات، وتغطي مواضيع مثل القانون الدولي للبحار والتلوث البحري والتنوع البيولوجي وتغير المناخ. توفر ورش العمل الإقليمية عبر الإنترنت مناقشات تفاعلية وتطبيقات خاصة بكل منطقة. هذا التدريب مجاني ومفتوح للمسؤولين الحكوميين وموظفي المنظمات الشريكة وممثلي المجتمع المدني والمتخصصين من القطاع الخاص العاملين في مجال إدارة المحيطات.