بصفاقس بالجمهورية التونسية انعقدت قبل يومين ، ندوة اقليمية لولايات مدنين وقابس وصفاقس والمهدية ، بإشراف من وزراء الداخلية والدفاع الوطني والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لمناقشة الخطة الوطنية لمقاومة الصيد البحري العشوائي وذلك بحضور عدد من الأطراف المتدخلة وممثلين عن بحارة الولايات المعنية.
بالمغرب عادة تجتمع الإدارة المركزية لقطاع الصيد البحري مع التمثيليات المهنية من أجل التداول في حالة المخزون و مواعيد الإغلاق او اطلاق رحلات الصيد.
ما ذهبت اليه الشقيقة تونس هو عين العقل و هي المتخلفة عن المغرب في قطاع الصيد البحري بسنوات ضوئية لا من حيث التشريع و لا التنظيم و لا المخزون و لا أسطول الصيد و لا الاستثمارات…..، و هي التي تعيش ظروفا سياسية صعبة و حالة اقتصادية صعبة.
الحديث عن مكافحة الصيد غير القانوني لا يستقيم دون مجالسة الأجهزة الأمنية المعنية بتنفيذ القانون و حفظ الأمن الاقتصادي و السلم الاجتماعي.
إذ أن مجالسة رؤساء الغرف الدستورية و الكنفدراليات و الجمعيات على مدى سنين و التداول بشكل دوري في مواضيع الصيد غير القانوني و استنزاف الثروة السمكية و المحافظة على الثروة السمكية و تنزيل مضامين استراتيجية اليوتيس، في الوقت الذي تشن مجازر في حق الثروة السمكية و دون هوادة ، و تنتهي بقرار تمديد الراحة البيولوجية الى تسعة اشهر، يطرح سؤالا كبيرا حول جدوى هذه الاجتمعات و قراراتها و مدى التزام الاطراف بمخرجاتها ،كما يطرح السؤوال عن المسؤولية في حفظ الأمن الاقتصادي، الذي يعد جزئ لا يتجزأ من الأمن القومي. و بالتالي فما تشهده الداخلة مثلا من خروج للصيادين و عوائلهم احتجاجا على قرار الإدارة المركزية ،يضع الأجهزة الأمنية و المسؤولين الترابيين في حرج و صدام مع الساكنة، و مع ما سينتج من ظواهر اجتماعية نتيجة البؤس و التفقير و الهشاشة.
ما ذهب إليه المسؤولون التونسيون في مكافحة الصيد غير القانوني، هو ما يجب أن تنهجه الحكومة المغربية لحماية للثروة السمكية كثروة وطنية، لا تعني فقط قطاع الصيد البحري.
أكيد أن الحرص الشديد على النقاش المغلق لقضايا الصيد البحري هو ما أوصل القطاع الى الباب المسدود ، بعدما تحولت العلاقة بين الإدارة و المهنيين الى علاقات اجتماعية أكثر منها مهنية، و نزع عن الإدارة الحياد ، و حول فئة من المهنيين الى حيتان يصعب على قطاع الصيد البحري مواجهتها .
ولو أن المقاربة في مكافحة الصيد غير القانوني اعتمد التشاركية بين جميع الأجهزة و القطاعات المتداخلة لجنب قطاع الصيد البحري الكثير من الحرج و حد من جموح المهنيين، و لخفف على مواردها البشرية الكثير من العبء و الاستنزاف المجاني.
الحالة التي وصل اليها قطاع الصيد البحري هي كما نقول دوما تحصيل حاصل لسياسة و نهج يفتقد الحكامة، و عندما نقول الحكامة نعني الالتقائية في الرؤى و السياسات العمومية و المبادرات الخاصة لتحقيق هدف مشترك يقوم على التنمية المستدامة،و ليس فقط شعارات مستهلكة تخفي وراءها ما تخفي.
مجتمعات الصيد البحري بكل فئاتها و ثقافاتها المتوسطية و الأطلسية الشمالية و الوسطي و الجنوبية لا يختلف منها اثنان كما لن تختلف جميعها حول أهمية المحافظة على الثروة السمكية، من أجل استدامة أنشطة الصيد و استقرار المجتمعات، و هذا لن يتأتى إلا بفضل تظافر جهود جميع المعنيين، من مسؤولين ترابيين و قطاعات شريكة في تدبير المجال ،و ليس فقط قطاع الصيد البحري و الغرف المهنية أو التمثيليات المهنية، فالقدسية التي طبعت القطاع لعقود كشفت عورتها مع الطفرة التواصلية و تنامي الوعي بالحقوق الاساسية ، و تبين أن الطابع القدسي لهذا القطاع الغني ، أشبه ما يكون بايديولوجية الشرف/الشريف التي كان يستعملها البعض للتغطية على مصالحهم الشخصية و توظيفها في أعمال منافية للقانون… كما أن حمايتها – الثروة السمكية – هي مسؤولية مجتمعية و جماعية و ليست بيد قطاع الصيد البحري وحده، حيث يصدق المثل الشعبي” لحكام و قلة لقوام”.
و لا تفوتنا الفرصة هنا أن نذكر باطلاق مؤسسة المغرب الازرق “الحملة الوطنية لمكافحة ترويج المنتوجات البحرية دون الحجم التجاري المسموح به” في مارس الماضي، حيث تقدمنا بطلبات ابداء الاهتمام لدعم المبادرة و المشاركة فيها بما فيها قطاع الصيد البحري لكن للاسف لم نتلق اي دعم يذكر ، فيما المبادرة تم الترحيب بها و سيتم اعتمادها بعدد من الدول الافريقية.
و للاسائتناس نضع بين يديكم موقع المبادرة
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل