يعد العنصر البشري محورا أساسيا في أية استراتيجية تنموية تسعى الى تطوير قطاع الصيد البحري، حيث لا يزال هذا الأخير يتسيّد المهن الخطرة عبر العالم، و قد كان من الضروري مواكبة التشريعات الوطنية و الدولية بموجب الاتفاقيات و المعاهدات و المواثيق الدولية الملزمة دستوريا لتوفير حماية اجتماعية لرجال البحر.
ففي ظل حالة عدم الاستقرار في أنشطة الصيد البحري التي يتدخل فيها العامل الطبيعي أكثر من العامل البشري او التشريعي، تبقى مجتمعات الصيد البحري في مهب الريح ،و تخضع لمنطق التعايش مع الطبيعة، فيما المفروض في الألفية الثالثة مواكبة هذه الفئة في حاجياتها و تغطية احتياجاتها و التخفيف من حدة النزلات الطبيعية، فيما يمكن تحيين أو ملائمة أو تشريع قوانين تعزز الحماية الاجتماعية و توفر الأمن و السلم النفسي و الصحي و الاقتصادي.
يتعلق الأمر هنا بإيجاد إطار للحماية الاجتماعية للبحارة الصيادين والمجهزين تتلاءم مع خصوصيات القطاع وتستجيب لمتطلبات وحاجيات هذه الفئة من خلال ملاءمة نظام التغطية الصحية و التقاعد مع خصوصية قطاع الصيد البحر، والأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية و نظام الحصص في الصيد البحري التي تقلص مدة العمل، و بالتالي تعذر بلوغ مستوى من المساهمات التي تخول الاستفادة من الحقوق داخل منظومة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
قد يكون المغرب و خلال العشرية الاخيرة قطع شوطا مهما في تأمين الجماية الاجتماعية لرجال البحر من فئة البحارة و شملهم في نظام التغطية الصحية ، خصوصا الصيد التقليدي و الحاقهم بصنف الصيد الساحلي، غير أن الشريك الأساسي و الرئيسي و هو المجهز،بقي خارج دائرة الضوء. حيث أنه و بعد صدور الظهير الشريف رقم 1.17.15 في 28 رمضان 1438 ( 23 يونيو 2017 ) بتنفيذ القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا ، فقد أصبح من اللازم حسب مذكرة أعدتها الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب إخراج النصوص التنظيمية لتطبيق هذا القانون المتعلقة بإدماج فئة مجهزي مراكب الصيد الساحلي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ورفع الحيف الذي يلحقهم جراء إقصاءهم من الاستفادة من هذا الحق المشروع، على اعتبار أن هذه الفئة تتكون من مهنيين مستقلين غير أجراء يزاولون نشاطا خاصا ( المادة 3 من هذا القانون ) ممثلون من طرف غرف الصيد البحري ولا يستفيدون من أي نظام للتغطية الصحية والاجتماعية لحد الآن.