في مطلع الألفية، اكتشف الباحثون موقعًا بالقرب من قمة سلسلة جبال تحت الماء في سلسلة جبال منتصف المحيط الأطلسي التي تنفث غازات أساسية لدعم أشكال حياة فريدة.
و حسب توقعات الباحثين فإن الموقع النادر عمره حوالي مليوني عام تحت آلاف الأقدام تحت المحيط الأطلسي وربما يحتوي على أسرار الحياة على الأرض.
يقع حقل المياه الحرارية الذي تم العثور عليه خلال رحلة استكشافية برعاية مؤسسة العلوم الوطنية في عام 2000، على عمق 2300 قدم (700 متر) تحت سطح البحر ، و يستضيف مشهدًا غريبًا من رواسب الكالسيوم التي تشكل أبراجًا وفتحات الكالسيت. تتراوح الارتفاعات من بضعة أمتار فقط إلى 60 مترًا، والأبراج مدمجة بهياكل صخرية يبلغ عمرها 120 ألف عام وأكثر، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة Oceanus.
تحولت فتحة المياه الحرارية القديمة من الكربونات النقية، والتي أطلق عليها اسم المدينة المفقودة بشكل مثير للاهتمام، إلى موطن للكائنات الحية الدقيقة التي تتغذى على الغازات.
يؤدي التفاعل البسيط لمياه البحر مع الصخور في الموقع إلى إمداد لا نهائي من الهيدروكربونات من خلال إنتاج الميثان والهيدروجين والغازات الأخرى في المحيط. بينما تحبس طبقة الوشاح ثاني أكسيد الكربون الجوي.
تزدهر المجتمعات الميكروبية على كتل الحياة مما يزيل الحاجة إلى الأكسجين الذي يبدو أنه غير موجود في المدينة المفقودة، وفقًا للبحث الذي أجرته جامعة واشنطن ومؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI).
يفترض العلماء أن إنتاج الهيدروكربونات في المدينة المفقودة – أطول بيئة تنفيس عمراً في العالم – قد يكون له معرفة مخفية بأصول الحياة، ويعتبرونها أحد المواقع المحتملة التي ربما نشأت فيها أشكال الحياة الأولى، وفقًا لمؤلفي الدراسة جيورا بروسكورووسكي وديبوراه كيلي، وفقًا لـ PubMed.
بروسكورووسكي، المؤلف الرئيسي الذي اتم دراساته بعد الدكتوراه في مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات،قال “كان إنتاج الهيدروكربونات هو الخطوة الأولى، وإلا لظلت الأرض بلا حياة”.
تقع المدينة المفقودة على قمة الجبل المغمور بالمياه، أتلانتس، حيث تصل درجات حرارة تنفيس المياه إلى 200 درجة فهرنهايت.
ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، لا يستطيع جسم الإنسان تحمل درجة حرارة أساسية تزيد عن 109.4 درجة فهرنهايت، وفقًا لـ NBC News.
عثر الباحثون على المدينة المفقودة عبر سفينة أتلانتس التي تديرها مؤسسة “وودز هول” لعلوم المحيطات. حيث اشار المؤلف الرئيسي الى أن اكتشاف هذه “اللبنات العضوية” ذي المصدر غير بيولوجي هو دليل لفهم أصول الحياة على الأرض وربما أجسام شمسية أخرى.
الغازات الساخنة من الفتحات الحرارية هي موطن للقشريات والقواقع بينما السرطانات والروبيان وقنافذ البحر نادرة في المنطقة. يتكهن الباحثون بأن الأسيتات والفورمات الموجودة في سوائل الفتحات ربما كانت مصدرًا للطاقة للكائنات الحية الدقيقة المبكرة التي تستهلك الميثان للبقاء على قيد الحياة والتي تسمى الميثانوجينات. “هذا مثال على نوع من النظام البيئي الذي يمكن أن يكون نشطًا على إنسيلادوس أو أوروبا في هذه اللحظة”، هذا ما قاله عالم الأحياء الدقيقة ويليام برازلتون لمجلة سميثسونيان في إشارة إلى أقمار زحل والمشتري على التوالي، في عام 2018.
في حين كان يُعتقد في البداية أنه الفتحة الوحيدة الموجودة لمثل هذه الديناميكية، يتكهن العلماء الآن أنه قد يكون هناك المزيد. بعد عامين من اكتشاف المدينة المفقودة، أعاد الباحثون زيارة الموقع في رحلة استكشافية مدتها 19 يومًا باستخدام غواصة مكونة من 3 أشخاص تسمى ألفين. تم جمع عينات من الصخور والسوائل والأحياء لمواصلة دراساتهم وفهمهم للفتحات الحرارية التي يبلغ عمرها حوالي 2 مليون عام، وفقًا لتقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. زادت الاستكشافات اللاحقة لقاع المحيط من إمكانية العثور على رواسب شاسعة مكشوفة من صخور الوشاح، خاصة في محيطي القطب الشمالي والقطب الجنوبي.