شكلت قضية حجز شحنة من الأسماك من طرف السد القضائي لفم الواد نازلة فريدة من الشكل و تحصيل حاصل في المضمون.
ففي الشكل حملت الجهات البحث مسؤولية الوزر الى موظفي قطاع الصيد البحري و هو ما يمكن اثارة دفوعات شكلية يكون النص صريحا بتحميل جميع الجهات المخول لها الرقابة ذات الصفة الضبطية المسؤولية و على راسهم مصالح الجمارك التي من المفروض ان تفلتر الشحنة اذا كانت افتراضيا قد غادرت الميناء، علما أن الشحنة في السد القضائي المراقبة لفم الواد الذي يبعد بكلمترات عن بوابة الميناء و عن السد القضائي للامن الوطني خارج المدار الحضري للمرسى.
النازلة ستثير صلاحية القرار الولائي الذي صدر في حق مندوبية الصيد البحري قبل سنوات و قلم أظافرها لتتولى لجنة مشتركة مأمورية تتبع المنتوج، و مدى قوته و حجيته ، حيث بموجبه تتحمل اللجنة المشتركة مناصفة وزر القضية باستثناء مصالح قطاع الصيد البحري.
في ظل كل هذا يتساءل المتتبعون عن دور النقابات ولماذا بلعت لسانها ، أين الاتحاد المغربي للشغل (UMT) والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)؟ لماذا التزمت هتين النقابتين الصمت ؟
الأمر لا يستدعي الكثير من القراءات في ظل تداخل الجهات المتدخلة في المراقبة و اختلاف القوانين وحجم الصلاحيات حيث تضيع المسؤولية،و تبقى الكلمة العليا للجهة الأكثر قوة ،لسنا هنا لإعطاء دروس لأي كان،و لكن هي نقطة نظام للقطع مع ظاهرة تفقد مع مرور الوقت المسؤولين بقطاع الصيد البحري الثقة في النفس و في مؤسستهم.
الحادثة الأخيرة هي امتداد لما سبق من نوازل كتلك التي اشعلت شرارة أحداث الريف، حيث تم الزج بأطر قطاع الصيد البحري في السجن نتيجة غياب حماية قانونية و ارتجال في المساطر و كثرة المتدخلين التي تعطل استكمال المساطر في حينها.
المسكوت عنه هو أن العديد من مناديب الصيد آثروا التخلي عن طموحهم المشروع في صناعة مسار مهني بالتدرج و النيء بعيدا درء لأي أمر قد يورطهم في ما قد يعصب بمستقبلهم المهني و الاسري .
لقد ترك لنا الاستعمار الفرنسي ارثا عظيما من خلال قانون1919 على علة نواقصه، كما روضت الاتفاقيات مع الشركاء الاوربيين المغرب بتحيين ترسانته القانونية و تطويرها لتتحول لنصوص تسمو على التشريعات المحلية وفق ما ينص عليه الدستور.
و لأن القانون البحري هو قانون خاص ، فلا يجوز التطاول عليه او الغاؤه الا بمسوغ دستوري.
فالنيابة العامة و عكس القطاعات الأخرى، تعتمد على المحاضر التي تنجزها مصالح الصيد البحري في جميع القضايا ذات الصلة.
إذا كنا نريد حماية ثروتنا السمكية ومكافحة التهريب بفعالية، فيجب علينا إعادة الاعتبار لأطر الصيد البحري على رأسهم مناديب الصيد ممثلو وزير الصيد في حكومة صاحب الجلالة، إذ لا يمكن أن تستمر الأمور على ما هي عليه، يجب منحهم الحصانة والسلطة اللازمة للقيام بدورهم بكفاءة، من خلال تحسين وضعهم القانوني والاعتباري ، وتوفير الإمكانيات المادية واللوجستية والدعم البشري الذي يحتاجون إليه لمواجهة التحديات المتزايدة في هذا القطاع الحيوي.
كما على باقي المصالح المتدخلة في المراقبة أن تضطلع بمسؤوليتها و تبقي نظرة بسيطة على القانون حتى تعرف حدودها و صلاحياتها و ودورها.
كتبها للمغرب الأزرق جيخ عبد الخالق
كاتب رأي و خبير في الصيد البحري.