عندما خططت الشابة التونسية كوثر الرجباني لإطلاق مشروعها الخاص الأول في حياتها لتربية الأسماك في الصحراء، كان أكثر ردود الفعل من حولها مشوبا بالدهشة والسخرية.
تدرس كوثر في مدينة بنزرت أقصى شمال البلاد في المعهد العالي لتربية الأسماك ولكن خططها المستقبلية كانت تقوم على إطلاق مشروعها في بداية حياتها المهنية في جهة بني خداش التابعة لولاية مدنين في جنوب البلاد.
تبعد بنزرت عن بني خداش الواقعة في منطقة جبلية على أطراف الصحراء في الجنوب مسافة لا تقل عن 500 كيلومتر، ومع ذلك فإن حلم كوثر هو أن يكون مشروعها في مسقط رأسها.
طريق مغاير
اختارت كوثر الرجباني طريقا مغايرا للسائد، فعلى العكس مما خططت له فإن معظم المشاريع الخاصة بتربية الأسماك ممتدة على طول السواحل التونسية ومن بينها بحيرة بوغرارة في ولاية مدنين نفسها، من بين حوالي 25 مزرعة بحرية منتشرة على طول السواحل.
وهذا المشروع الخاص بإنشاء أحواض مائية في البر هو الأول من نوعه في مدنين وفي أنحاء البلاد. وتدرك كوثر أن هذه الخطوة تمثل تحديا مضاعفا بالنسبة لها من أجل النجاح.
وتقول كوثر الرجباني لوكالة الأنباء الألمانية، “يملك أحد أقربائي مزرعة في بني خداش، وهذا ما شجعني على إطلاق المشروع لتربية الأسماك في مياه عذبة على البر. وقد أثار المشروع في البداية دهشة الجميع ولكن مع وجود البنية التحتية وإمكانية إنتاج أسماك قادرة على التعايش مع الحرارة فإن الفكرة ليست مستحيلة”.
تعتمد تونس بشكل كبير على تربية الأسماك من أجل دعم سوق الاستهلاك المحلية وتعديل الأسعار ودعم الأمن الغذائي الوطني في ظل تراجع ملحوظ لإنتاج الصيد البحري، وهو ما استدعى ضرورة سد فجوة التوريد.
ويعد القطاع واعدا نسبة إلى الأرقام والمؤشرات الرسمية، حيث تشير وزارة الفلاحة التونسية إلى نسبة تطور في الإنتاج تعادل 18% سنويا بمعدل يقارب 22 ألف طن سنويا.
لكن القطاع يواجه صعوبات ترتبط بالأعلاف المخصصة لمثل هذه الأحواض المائية وتحدي المحافظة على البيئة بما في ذلك حماية الأعلاف الطبيعية للأسماك البحرية في قاع البحر ومخاطر إهدار الثروة المائية بالبر في ظل تناقص الموارد المائية.
وتحذر تقارير إدارة مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية، من مساوئ تربية الأحياء المائية وتحديدا من إمكانية انتقال الأمراض من الأسماك المستزرعة إلى الأسماك الطبيعية، إضافة لما يسببه تراكم الطعام المفقود تحت الأقفاص من تأثيرات سلبية على التنوع البيئي المحلي.
ماجستير تربية أسماك
ولذلك لم يكن طريق كوثر التي تستعد في الوقت ذاته لتحضير رسالة الماجستير في تخصصها، مفروشا بالورود لوضع أفكارها غير المسبوقة في أحواض على الأرض.
وتروي بشأن أكثر العوائق التي اعترضتها في مشوارها المهني قائلة “أكثر الصعوبات هي بيروقراطية وإجراءات الحصول على الرخصة. والمشروع بحد ذاته كان مخاطرة لذلك فضلت بأن تكون الانطلاقة بكميات محدودة لا تتجاوز ألف سمكة”.
وتضيف كوثر “أقوم بنفسي بصناعة الغذاء الخاص بالأسماك من مكونات طبيعية حتى لا تتضرر الأسماك ولا المستهلك أيضا”.
وتباع أسماك المياه العذبة في الأغلب بالسوق المحلية وبشكل أساسي في أسواق الجملة بالمدن الكبيرة مثل تونس وسوسة وصفاقس، أو في أسواق المدن والقرى الصغيرة القريبة من بحيرات السدود، كما يتم بيعها إلى الفنادق والمطاعم السياحية الكبرى.
أما أسعار أسماك المياه العذبة فهي منخفضة إلى حد ما مقارنة بالأسماك البحرية كما تشير إلى ذلك كوثر حيث يتراوح سعر الكيلو في المتوسط ما بين 3 و5 دولارات.
تسويق بالجملة
ولا يختلف الأمر كثيرا بشأن التسويق مع صاحبة المشروع الناشئ. وتشير كوثر إلى ذلك قائلة “أفضل التعامل أكثر مع المؤسسات والبيع بالجملة. أفضل البيع للمؤسسات الاستشفائية والثكنات وقد وجدت قبولا وترحيبا لمنتجاتي”.
وتتابع في حديثها “الآن بدأت الأنباء عن الأسماك بالانتشار شيئا فشيئا مع المتعاملين الخواص. ويأتي الناس مباشرة إلى الضيعة للشراء”.
وتخطط باعثة المشروع بالتوسع في السوق الداخلية انطلاقا من ولاية مدنين بمجرد الانتهاء من مناقشة الماجستير بجامعتها والاستقرار بصفة نهائية في مدينة بني خداش. وهي لا تنوي التوقف عند تربية الأسماك فحسب.
وتقول كوثر “أريد التوجه أيضا إلى الاهتمام بإنتاج الخضار والغلال باستخدام تقنيات تسمح باستفادة الأسماك وجذور النباتات من المياه نفسها”.
وفي بلد تتزايد فيه البطالة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات العليا، ترى كوثر أنه من الأهمية بمكان أن يحسن الطالب اختيار مشواره الدراسي.
السلام عليكم ورحمة الله.
انا ناشط مهني في تربية المائيات امتلك خبرات لابأس بها واود الافادة بها في مقال
مرحبا بكم