انطلقت قبل اسابيع جولات التفاوض حول زيادة في ثمن السمك السطحي، حيث ووفق الاجتماع الرفيع المستوى فقدر رسا التوافق على زيادة 25سنتيما.
أهم ما ميز المفاوضات الأخيرة هو تغييب ممثل البحارة ، الذين تم دفعهم و تجييشهم في العالم الافتراضي كما العادة لإطلاق شرارة المطلب، تمهيدا للركوب على ظهره.
بعد هذه الجزئية الجد مهمة و هي توظيف الملف الاجتماعي للبحارة من اجل تسمين حساب المجهز ذي القبعة المزدوجة(مجهز/تاجر السمك).
و بعد التسليم أن هناك اتفاق على زيادة افتراضية لا يهم قدرها ، سيكون على رعاة المفاوضات من مسؤولين وزارة الصيد البحري و المكتب الوطني للصيد أن يتحملوا مسؤوليتهم القانونية و الأخلاقية و السياسية و التاريخية اتجاه البحارة.
و ذلك بتوسيع اللجنة و اشراك النقابات الاكثر تمثلية و هي الاتحاد العام للشغالين بالمغرب،الاتحاد المغربي للشغل و الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، كما يجب اشراك وزارة التشغيل و ممثل عن وزارة الداخلية باعتبار هذه الاخيرة طرفا اساسيا في العديد من الملفات ذات الطبيعة الأمنية ، هذا طبعا بحضور الغرف الدستورية فقط.
توسيع اللجنة سيضمن للبحارة انتزاع حق تاريخي و بضمانات الدولة و ليس فتات من مطبخ نادي الصيد البحري، حيث توزع الحصص والرخص و أشياء أخرى.
في اعتقادي الشخصي و المتواضع و لو أنه لن يروق شي بعضين، فإن الزيادة المفترضة او ما سبقها لن تقدم شيئا للبحار مادام التهريب والفساد الاداري و التخلويض قائم ، اذ لا يعقل أن يستفيد البحار من زيادة في الحصة و هو يشاهد نصف المصيد يرحل في شاحنات من الداخلة و بوجدور و العيون و طرفاية دون تصريح فيما يتم التصريح بأنواع أقل قيمة حتى تقل قيمة الرسوم ، و يحال البحار لتحصيل الحصة و المستحقات عند محاسب بأكادير فيما المركب ينشط في الداخلة.
من أجل ذلك لا بد من اعتماد المزاد العلني في إطار مبدء التنافسية و المنافسة الشريفة بين تجار السمك و المرور عبر مسلك التداول بسوق السمك للبيع بالجملة لضمان على الاقل تثمين المنتوج و الرفع من قيمته و بالتالي سيتفيد البحار و المجهز و الدولة.
كما يجب و هنا الدور على وزارة الداخلية احداث ميزان للوزن المضاد خارج الموانئ في إطار الصلاحيات و حماية الامن القومي و الاقتصادي و الغذائي و حقوق الجماعات محل التفريغ.
دون ذلك سيكون المستفيد من الزيادة هو المجهز/تاجر السمك الذي يحول المنتوج الى سوق الاستهلاك حيث يصل الفارق الى الضعف في الحد الأدنى.
و من جهة أخرى يجب تفكيك ما يسمى بصندوق إغاثة البحار الذي يقبض عليه المجهزون مادام هناك نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لتجنيب الحصة الاجمالية من الازدواج في الاقتطاعات ، حيث لن يستفيد البحار من المنحة الافتراضية لهذه العلبة السوداء ، إلا بعد التقاعد ، و لن تنفعه آنذاك في ظل ارتفاع تكاليف العيش بعد عمر طويل ، فيما نسبة الاقتطاع يمكن أن تضاف الى الحصة.هذا اذا تمكن البحار من استكمال مساره المهني كبحار و لم يختر مسارا آخر و بالتالي تضيع الاقتطاعات التي كانت تستخلص من حصته خلال ممارسته المهنة على متن مركب ما.
و نحن نعيش منذ أكثر من سنة على وقع ظرفية مناخية جد متطرفة اتسمت بالجفاف و شح المصايد، ماذا تنفع الزيادة في ظل طول أمد “المنازل” وانعدام المصيد، إلا تكريس الهشاشة في صفوف البحارة، عوض الانخراط و بكل مسؤولية و شجاعة في حماية هذه الشريحة وفق مقاربة شمولية و مستدامة.
إن ما كان قبل أسابيع من زوبعة استعمل فيها “البحار” بشكل مقيت من لدن بعض الجهات للتغطية على اخفاقات ، تم اقتناصه من طرف القراصنة كما العادة لاستدامة منافعهم ،و لكم عبرة في محطة “البانضو” كيف بدأت و كيف انتهت، كما كان الشأن في محطة اعتصام قوارب الصيد أمام وزارة الصيد البحري، و ملف الوقود….كلها أحداث يتم استعمال مفتاح “البحار” لفتح باب المفاوضات على أمور أخرى من طرف جهات تجيد الرفس على القيم، و تتلذ بارتشاف عرق و دم البحار حتى النخاع..
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في العلام البحري و التواصل.