تاريخيًا، كان التحكيم هو الآلية المفضلة لتسوية المنازعات الملاحية العقدية، وذلك لما يوفره من سرية ومرونة في الإجراءات. إذ غالبًا ما يكون أطراف هذه المنازعات هم مُلاّك السفن ومستأجروها ، وقد يشمل أيضًا بائعي أو مشتري السفن، أو حتى هيئات الحماية والتعويض في حالات التأمين البحري.
يكتسب التحكيم أهمية قصوى للمجتمع الإنساني والتجارة الدولية، حيث يوفر مزايا لا يحققها القضاء الرسمي المثقل بالقضايا، ويتيح للمتعاقدين من دول مختلفة تجاوز مشكلة الجهل بالقوانين الأجنبية. وقد أدى التطور الهائل في التجارة والاستثمار إلى انتشار واسع للتحكيم على الصعيدين الداخلي والدولي، مما يستوجب الإلمام بأحكامه.
يحظى التحكيم بقبول واسع كوسيلة مثالية لتسوية المنازعات التجارية، وكمحفز ضروري لتطوير هذه العلاقات بما يعود بالنفع على الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء. وقد تناول هذا البحث مفهوم التحكيم وشروطه، ومقارنته بمفاهيم أخرى، وشروط صحة اتفاق التحكيم، وأهلية الأطراف، وتحديد موضوع التحكيم، وقواعد الاختصاص، وحجية وتنفيذ وبطلان حكم التحكيم.
في المشهد القانوني والتجاري المغربي، يتبوأ التحكيم البحري مكانة استراتيجية كآلية فعالة وحاسمة لتسوية المنازعات، لا سيما تلك التي تتسم بالتعقيد وذات الصبغة الدولية. يكتسب هذا النوع من التحكيم أهمية مضاعفة في سياق يتميز بتداخل القوانين والمساطر والإجراءات المختلفة، وهو ما قد يمثل تحديًا حقيقيًا للأطراف المتنازعة، مؤديًا إلى خسائر مالية فادحة، وتضرر في المصالح التجارية والسمعة، فضلاً عن استنزاف الوقت والجهد في مسارات قضائية تقليدية قد تطول وتتشعب.
يبرز اسم الدكتور نور الدين العماري كأحد الأقطاب المرموقة في مجال التحكيم البحري بالمغرب، مشهود له بالكفاءة العالية والخبرته المتراكمة على مدار عقود.
مسار مهني حافل بالإنجازات والخبرات المتنوعة في القطاع البحري والموانئ ، جعل من الدكتور نور الدين العماري مرجعًا موثوقًا في تسوية النزاعات المعقدة، حيث حصل سنة 1988 على درجة ضابط ملاحة تجارية في هندسة البواخر ، وهو ما يمنحه فهمًا تقنيًا وهندسيًا دقيقًا لعمليات السفن والموانئ.
المسار المهني لنور الدين العماري عرف نقلة نوعية منذ 2005 ، بعدما نال شهادة الدكتوراة في هندسة الساحل والموانئ عام 2005، مما يرسخ مكانته كأكاديمي وباحث متمكن في هذا المجال، كما تم تعيينه في ذات السنة خبيرا قضائيا في الشؤون البحرية والموانئ ، بموجب قرار وزارة العدل المغربية ، و هو منصب يمنحه نظرة معمقة ودقيقة في تقييم وتحليل القضايا البحرية المعروضة عليه.
كما شغل العماري مهمة مستشار سابق لوزير التجهيز والنقل في الشؤون البحرية خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2017، مما يعكس الثقة التي حظي بها الرجل على أعلى المستويات الحكومية في تقديم الرؤى والاستشارات الاستراتيجية.
كما شغل منصب نائب رئيس غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بجهة الدارالبيضاء ، ممصلا عن قطاع الخدمات، خيث كان له الفضل في حل مجموعة من النزاعات عبر الية التحكيم .
يشغل الدكتور نور الدين العماري منصب نائب رئيس جمعية أرباب السفن التجارية، كما يعد من بين المؤسسين لعدة جمعيات مهنية في المجال البحري، و منها الكتلة المغربية لصناعة السفن، ما يعكس حرص الرجل على تأطير تنظيم وتطوير هذا القطاع الاستراتيجي،في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها العالم و التحديات التي تواجه قطاع الملاحة البحرية في المغرب.
خلفية غنية و متنوعة تجعل من الذكتور نور الدين العماري خبيرًا قضائيًا ومحكمًا بحريًا متميزًا، قادرًا على فهم الجوانب القانونية والتقنية والتجارية المعقدة للمنازعات البحرية، وتقديم حلول عادلة وفعالة للأطراف المتنازعة في المغرب وخارجه. إن اعتراف وزارة العدل بكفاءته يرسخ مكانته كأحد الأعمدة الأساسية في منظومة التحكيم البحري المغربي.