في تعقيب على جواب وزير الصيد البحري محمد الصديقي خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، بخصوص تقييم استراتيجية اليوتيس، تقدم به يوسف بنجلون المستشار البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، سلط هذا الأخير الضوء على المنطقة العمياء و المعتمة من القطاع ، و التي لم تكلف الإدارة الوصية الاقتراب منها، حيث يختلط السياسي بالإداري و بكثرة المتدخلين و تضارب المصالح.
بنجلون الذي انتصر في معركة كسر العظام في مواجهة حزب أخنوش ، خلال فترة ما قبل الانتخابات و بعدها، يبدو من خلال طبيعة الأسئلة الاستفهامية تارة و الاستنكارية تارة أخرى في تعقيبه على جواب الوزير، أنه بعث رسائل مشفرة لمن يعينه الأمر بأن هناك مرحلة جديدة من التعامل تقطع مع سابقتها “الأخنوشية”، حيث كان الجميع يقول” آمين” بعد تلاوة الأجوبة نفسها للأسئلة نفسها طيلة فترة ولاية عزيز الصيد.
رد الوزير على التعقيب كان ذكيا جدا عندما أكد أن “العمل مستمر” بين الإدارة و الشركاء، ما يعني انفتاح هذا الأخير على التعاون لمعالجة الملفات العالقة و ربما الحارقة.
و من زاوية موضوعية، فان ما تم إنجازه خلال العشرية الماضية في النسخة الأولى من استراتيجية اليوتيس، لن يتناطح عليه كبشان من حيث الوصف الذي اختاره وزير الصيد البحري وهو”المنعرج”، حيث تم تنزيل العديد من القوانين و القرارات و المشاريع لتحقيق الاهداف الكبرى بنسب متقدمة، بالنظر الى وضعية القطاع و خصوصيته و تركيبته السيوسيولوجية و السيكولوجية و نمط المعاملات و تشابك الأنشطة المهيكلة مع العشوائية ،و تداخل عدد من المصالح و القطاعات في التسيير و التدبير…الخ، و من جهة أخرى حجم التحديات الداخلية و الخارجية و البيولوجية و الجيواستراتيجية…الخ.
غير أن هناك مناطق عمياء في قطاع الصيد البحري تم غض الطرف عنها ليس لصعوبتها او لسخونتها ، بل لاستثمارها و لتوظيفها و تسخيرها في الوقت المناسب بما يضمن استقرار المصالح العامة من جهة ، و تنمية المصالح الخاصة.
و ليس ما أثاره بنجلون إلا قطرة في بحر من الإشكاليات القابلة للحل بقرار سيادي لا يرتبط مع أي قطاع آخر و لا يحتاج الى سلوك مساطر معقدة أو البحث عن ولاءات لتمريرها بالبرلمان و منه المسؤولية القانونية في حوادث البحر او المخالفات ، و بالتالي يمكن القول أن ما تم انجازه خلال العشرية الماضية يجب تثمينه و حماية و المحافظة عليه كمكتسب، و ليس كأصل تجاري كما هو الحال في مصفوفة الأخطبوط او ولوج ميناء بوجدور و الداخلة و استغلال جراد البحر و التونيات.
أما عمق الأزمة المسكوت عنها، فهو تضارب المصالح و تغول بعض المهنيين في دواليب صناعة القرار ،ما يستوجب إعادة ترتيب الأوراق كل حسب موقعه، والتحلي بكثير من التواضع و التجرد و بالشجاعة الكافية و فتح حوار جاد و مسؤول و شفاف و صريح بمنطق رابح رابح تكون الترقية الاجتماعية لرجال البحر هي أولى الأولويات و المدخل لكل إصلاح فرجل البحر اليوم هو مجهز الغد و رئيس الغرفة او مستشار القطاع في البرلمان، هذا قبل المرور الى الإصلاحات و التشريعية و نسخ او تعديل القوانين، مع ضرورة القطع مع التدبير عبر القرارات التي تبقى هشة في مواجهة التقلبات السياسية و الاقتصادية.
كتبها للمغرب الأزرق حاميد حليم
مستشار في الإعلام البحري و التواصل.